وليس بالقوم استدلال أو تحرّ لما يدل عليه الكتاب والسنة، ولا هم من أهل ذلك ولا يستطيعونه. إنما بهم الهوى إلى شيء معين، يتلمسون له العلل التي قد تدخل على الجاهل والغافل.
بل إن في فلتات أقلامهم ما يكشف عن خبيئتهم، ويفضح ما يكنون في ضمائرهم.
ومن أمثلة ذلك: أن موظفاً كبيراً في إحدى وزارتنا كتب مذكرة أضفى عليها الصفة الرسمية، ونشرت في الصحف منذ بضع سنين، وضع نفسه فيها موضع المجتهدين، لا في التشريع الإسلامي وحده، بل في جميع الشرائع والقوانين!! فاجترأ على أن يعقد موازنة بين الدين الإسلامي في إحلاله تعدد الزوجات، وبين الأديان الأخرى -زعم!! - وبين قوانين الأمم حتى الوثنية منها! ولم يجد في وجهه من الحياء ما يمنعه من الإيحاء بتفضيل النصرانية التي تحرم تعدد الزوجات، ومن ورائها التشريعات الأخرى التي تسايرها بل يكاد قوله الصريح ينبئ عن هذا التفضيل!!
ونسي أنه بذلك خرج من الإسلام بالكفر البواح، على الرغم من أن اسمه يدل على أنه ولد على فراش رجل مسلم. إلى ما يدل عليه كلامه من جهله بدين النصارى، حتى عقد هذه المفاضلة!! فإن اليقين الذي لا شك فيه: أن سيدنا عيسى عليه السلام لم يحرم تعدد الزوجات الحلال في التوراة التي جاء هو مصدقا لها بنص القرآن الكريم. وإنما حرمه بعض البابوات بعد عصر سيدنا عيسى بأكثر من ثمانمائة سنة على اليقين. بما جعل هؤلاء لأنفسهم من حق التحليل والتحريم، الذي نعاه الله عليهم في