بلادهم، وينددون "بالرجعيين الجامدين" أمثالنا، الذين يرفضون أن يجعلوا هذه الأعذار الكاذبة الباردة مما يجوز قبوله، ويزعمون أن "جمودنا" هذا ينفر الأمم الإفرنجية وغيرها من قبول الإسلام؛ كأنهم قبلوا الإسلام في كل شيء إلا شرب الخمر!! ويكادون يصرحون بوجوب إباحتها لأمثال تلك الأمم الفاجرة الداعرة الملحدة الخارجة عن كل دين.
ففي حديث ديلم الجيشاني ما يخزي هؤلاء المستهترين الكاذبين. فقد أبدى ديلم هذا العذر نفسه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أن بلادهم باردة شديدة البرد، وأنهم يعالجون بها عملاً شديداً، كأنه يلتمس رخصة بذلك للإذن بشرب الخمر، أو يجد إغضاءاً وتسامحاً فما كان الجواب إلا الجواب الحازم الجازم: المنع والتحريم مطلقاً، فلما كرر السؤال والعذر، ولم يجد إلا جواباً واحداً، ذهب إلى العذر الأخير، إنهم لا يصبرون على شرابهم وأنهم غير تاركيه؟ فكان الجواب القاطع، الذي لا يدع عذراً لمعتذر:"فإن لم يصبروا عنه فاقتلوهم".
فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسالة أتم بلاغ وأعلاه، وأدى الأمانة حق أدائها، ووضع العظة موضعها، ثم وضع السيف موضعه، وبهذا فلاح الأمم، والحمد لله".