الحرب وجب على المسلمين جميعاً حمايته، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ويسعى بذمتهم أدناهم". وحتى إن والي مصر شكا إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز نقص جباية المال، بكثرة دخول الذميين في الإسلام، فراراً من الجزية، وكأنه يرجو أن يأذن له عمر ببقاء الجزية عليهم، إذا كان يرى أن إسلامهم كان حيلة ألحقت الضرر بخزينة الدولة، فما كان جواب عمر إلا أن قال له:"إن الله بعث محمداً هادياً، ولم يبعثه جابياً". وحتى إن رجلاً شكا إلى الفاروق عمر بن الخطاب أنه أسلم والجزية تؤخذ منه، فقال عمر: لعلك أسلمت متعوذااً؟ فقال: أما في الإسلام ما يعيذني؟ قال: بلى، ثم أمر أن لا تؤخذ منه الجزية.
ونسوا من معنى الوطنية، ومن العزة القومية الإسلامية، أن أية أمة من أمم الأرض إنما يحكم فيها بشريعة أكثريتها، وأن الأقليات لا تخرج في التشريع عن حكم الأكثرية أبداً. وإنما كانت هذه الأقليات في بلادنا لها حكم دينها بما أذن الله للمسلمين أن يدعوهم وما يدينون، زيادة في العزة والظفر، لا خنوعاً ولا ذلاً. أفينتهي هذا التشريع الإسلامي العالي إلى أن يجعل في بلادنا سبباً لذلة المسلمين، وامتهاناً لكرامة الإسلام؟!
هذا التشريع منحة من شريعة الإسلام لأهل الذمة، فعليهم أن يقبلوه في حدود أحكام الله. وإذا أبوه عادوا إلى التشريع العام: أن يُحكم بينهم بحكم الإسلام، أما أن يجعل التشريع الاستثنائي هو الأصل، ثم تهدم به أحكام الإسلام، فلا يعقل ذلك أحد، ولا يقبله مسلم يعرف دينه ويخاف ربه.
إن محمداً صلى الله عليه وسلم، وهو الأمين المأمون، وهو سيد الأوفياء بالعهود، عاهد