حتى جاءت هذه المدعية فكشفت عن الأمر كله، لتقرر علناً وصراحة أن هذا البلد ليس بلداً إسلامياً، وأنه لا يجوز أن ينظر فيه إلى "المسائل الاجتماعية" زعمت!! نظرة إسلامية. وعن ذلك أعجبتني دعواها هذه الواضحة الصريحة، حتى يعرف المسلمون ماذا يراد بدينهم، من غير أقلامنا، ومن غير أشخاصنا.
وأما شأن المدعية نفسها، فيما تطلب من المحكمة أن تحكم لها به، فلا أعبأ به، ولا يهمني في قليل ولا كثير، ولا من قريب ولا من بعيد، أن يحكم لها بما طلبت، فتدخل في مناصب القضاء، أو ترفض دعواها! لأني قلت من قبل إن ولاية الرجال أنفسهم هذا القضاء "باطلة بطلاناً أصلياً، لا يلحقه التصحيح ولا الإجازة (١) " فلا يزيده بطلاناً -في نظري- أن تتولاه امرأة، أو يتولاه شخص ما، أيا كان لونه أو صفته، فالأمر عندي فيه سواء.
أما بعد: فإنه أثناء كتابة هذه الكلمة، نظرت المحكمة هذه القضية بجلسة يوم الأربعاء ١٩ صفر سنة ١٣٧٠هـ (٢٩ نوفمبر سنة ١٩٥٠م) برئاسة المستشار "سعادة السيد علي بك" ولخصت جريدة المصري في اليوم التالي (الخميس ٢٠ صفر) بعض ما دار في الجلسة فذكرت أنه حضر فيها "سيزا نبراوي وكلية الاتحاد النسائي، وأعلنت انضمام الاتحاد للمدعية طرفاً ثالثاً في القضية، ووقف محامي الحكومة وطلب برفض انضمام الاتحاد، لأنه ليست له مصلحة مباشرة في هذا، ورد رئيس الجلسة بأنه
(١) (كلمة الحق) رقم ٢ ص١٥ من عدد شهر صفر سنة ١٣٧٠ من مجلة (الهدى النبوي).