الجواب: لأن عند متصرفة، ولدن لم تتصرف ولم تفارق موضعها. ألا ترى أنك تقول: كنت عند زيد وتقول: عندي أن زيداً لا يخرج في غد، كأنك قلت في علمي وتقدير. وتقول: ما عندك في هذا الأمر؟ وليس للدن مثل هذا التصرف فثبتت على حالها. وفيها لغات يقال ولدا ولد. وعند لم تدخلها حروف الخفض، لأنه ظرف لم يتمكن في الاسمية، ولم يستعمل إلا ظرفاً.
مسألة:
أيهم ترَ يأتِك، ومن تضرب أضر. قال أهل الكوفة: هذا نظير قولنا زيد قائم. ترفع زيداً بقائم وقائماً بزيد. فعاب البصريون ذلك عليهم وهم يقولون أياً تضرب أضرب، إن أياً منصوب بتضرب، وتضرب بجزوم بأي. وكذلك سائر الأسماء التي يجازى بها في قول البصريين تجزم الفعل وينصبها الفعل الذي تجزمه.
قال أهل البصرة: ليس هذا كما قلتم، وذلك أنا إذا قلنا: من تضرب اضرب، فإنما جزمنا الفعل بمعنى الجزاء، لأن (من) تضمنت معنى إن، ونصبها الفعل الذي جزمته، فذلك المعنى في الحقيقة هو الجازم، وإنما أنكرنا عليكم أنكم تقولون زيد قائم، رفع زيد بقائم وقائم بزيد، ثم تقولون إن زيداً قائم فتنصبون زيداً والرافع له موجود. وتقولون ظننت زيداً قائماً، فتنصبونهما جميعاً، وكلاهما موجب لصاحبه الرفع في قولك. ونحن في الجزاء لا نغيّره عن فعله في قولنا من تضرب أضرب، لا تكون من إلا جازمة للفعل في هذا الموضع ما دامت جزاءاً؛ ولم نوجدكم على هذا المثال اللفظ وعمله متغيراً كما أريناكم. هذا الذي