للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يوجبه القياس في الترتيب، ويجوز تسويفه في ترتيب هذه الأشياء، وتقديم بعضها على بعض في المرتبة والاستحقاق، لا أن العرب كانت تنطق زماناً بأشياء مرفوعة، ثم نطقت بعد ذلك بأشياء منصوبة، ثم نطقت بالمخفوضات. بل تنطق بالكلام كله مختلطاً بعضه ببعض. ثم رتب العلماء استحقاق بعضه التقديم في المرتبة على بعض، على ما مضى من شرح ذلك. ألا ترى أنا نقول إن الأسماء قبل الأفعال، وليس كذلك مجراها في النطق، بل ترى الأفعال والحروف في كثير من الكلام تتقدم على الأسماء في النطق، وحتى أن كثيراً من الأسماء لا يجوز تقديمها على بعض الحروف، وقد ذكرنا في مثل هذا فيما مضى من الكتاب ما فيه كفاية.

وكذلك القول في تثنية المرفوع واستحقاقها في الترتيب التقدم. والكلام كله مختلط بعضه ببعض، وتابع بعضه بعضاً. فنقول: إن الألف جعلت لتثنية المرفوع في التقدير قبل تثنية المنصوب والمخفوض، وقبل تصيير الواو للجمع. وكان مع ذلك أن تكون الألف في الموضع الذي ينفتح فيه ما قبل أواخر أمثالها أولاً، إذ كان لا سبيل إلى تغيير حركة ما قبلها.

سؤال آخر. فإن قال: فلم ضُم النصب إلى الخفض دون أن يُضم إلى الرفع أو دون أن تجعل له سمة ينفرد بها؟

الجواب، وهو جواب الجماعة، قالوا: لم يمكن إفراد المنصوب في التثنية، لأن الحركات ثلاث؛ الفتحة والكسرة والضمة، وليس في التثنية والجمع سمة لحركة تسدل على رفع ولا نصب ولا خفض. فكما، لم يكن للمرفوع في التثنية والجمع حركة تدل على الرفع، ولا للمخفوض، لم يكن ذلك في المنصوب أيضاً.

<<  <   >  >>