ثم نقل -رحمه الله- عن شيخه المشتهر بابن أبي درقة -رحمه الله- قال: «كنت مرَّةً في غرَّة الشباب، ومبادي الطلب، فتشاغلت عن إحدى صلاتي العشاء إلى أن شارفت الفوات، فأتيت عَجِلاً إلى بعض المساجد، واعتمدت بعض زواياه، فصلّيتها مبادراً متجوّزاً في بعض أركانها، وإذا بعض الشّيوخ يسارقني النَّظر، بحيث لم أشعر به، فلمّا أتممت صلاتي، وهممت بالانصراف استدعاني، فأتيته، فسألني قليلاً، ثم قال: يا بنيّ، رجلٌ تسلّف دراهم إلى وقتٍ، فلمّا حلّ الأجل، والغريم موسر قادرٌ على الأداء، تهاون بذلك واستخفّ، ولم يزل يتراخى به إلى أن استحق ذمّ التأخير، ثم أتاه بها بعد ذلك ناقصةً، زيُوفاً، فجميعٌ بين جنسي الإساءة في القضاء، فهل يكون لهذا حظٌّ في القبول؟ فما أتم كلامه حتى فهمت مقصده وتعريضه بما فعلت في صلاتي، فخجلت، ثم قلت له: فهمت يا عمّ، فما زاد على أن قال: قم يا بنيّ بارك الله فيك، فعدت لإتمام صلاتي، وأثّر ذلك عندي خير تأثير» . ثم قال: «فهذا النوع من الرِّفق والتلطّف في التّعليم بحسب فهم صاحب النّازلة وما يليق به، أوقع في النفوس وأقرب إلى الإجابة من كثير من العنف والشِّدَّة» . (١) أخرجه الترمذي في «الجامع» (رقم ٢١٧٤) ، وأبو دواد في «سننه» (رقم ٤٣٤٤) ، وابن ماجه في «سننه» (رقم ٤٠١١) ، والخطيب في «التاريخ» (٧/٢٣٨) ، والمزي في «تهذيب الكمال» (١٧/٤٠٥) من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، به. وفيه زيادة عند أبي داود، والخطيب: «أو أمير جائر» . وقال الترمذي: «حسن غريب من هذا =