فأمر الله -تعالى- بقتال المشركين وقتلهم بكل سبيل، وحَصْرهم والتضييق عليهم، ولم يجعل لذلك غايةً إلا أن يُسلموا، وجعل في أهل الكتاب حدّاً آخر إن كانوا لم يسلموا: وهو إعطاء الجزية.
وفي كتاب مسلم (١) عن بريدة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية، أوصاه في خاصَّته بتقوى الله، ومن معه من المسليمن خيراً، ثم قال:«اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلُّوا، ولاتغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقلتوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم، إلى ثلاث خصال -أو: خلال-، فأيَّتُهُنَّ ما أجابوك فاقبل منهم، وكُفَّ عنهم ... » الحديث. فذكر فيه: الإسلام، ثم الهجرة، ثم قال:«فإن هم أبوا فسَلْهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكُفَّ عنهم، فإن هم أَبوا،
فاستعن بالله وقاتهلم ... »
(١) في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب تأمير الإمام الأمراء علىالبعوث، ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها) (رقم ١٧٣٠) . وقد مضى، كما قال المصنف.