قد جمعت هاتان الآيتان من الأمر والنهي، في الوجوب والحَظْر، وآداب القيام بالحرب؛ ما هو العُمدة، ونظام الأركان، وسبب النَّصر والفوز بالأجر.
أمر -سبحانه- بالثبوت والصبر، وهو مدَدُ الظفر والنَّصر، وبالإكثار من ذكر الله -تعالى- هنالك؛ حتى لا يغفل في عمله وجهاده عن تعاهد إرادة وجه ربِّه
-سبحانه-، وفي ذلك دَرْكُ الفوز، وجماع البركة والخير (١) ، قيل: ويكون الذكر هناك بالنيِّة والقول؛ لأن رَفْعَ الصوت في موطن القتال مكروه، قيل: إلا عند الحملة الجامعة، يُراد بها استئصال قوة العدو، وقد يكون في ذلك تَزيُّدُ الإرهاب على العدو، واستجماعٌ لعزائم أهل الحملة.
ثم أمرَ تعالى بالتزام طاعته، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك ملاكُ الأمر في العمل، وقوام الحكمة بطاعة الإمام في مواطن الحرب، ونهى -سبحانه- عن التنازع والخلاف، وهما سَبَبُ الفشل واختلال الأمر لا محالة، كما أعلم سبحانه في الآية، وقال الله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران: ٢٠٠] .