للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمَّا من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفقَ الكريمة، وياسَرَ الشَّريك، واجْتَنبَ الفساد، فإنَّ نومه ونُبْهَهُ؛ أجرٌ كلُّه، وأما من غزا فخراً، ورياءً، وسمعةً، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنه لم يرجع بالكفاف» .

فصلٌ: في طاعة الإمام، والغزو مع كلِّ أمير، برًّا أو فاجرًا

قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] ، قيل: هم أمراء السَّرايا، وقيل: أهل الفقه والدِّين (١) .


= الشاميين» (١١٥٩) ، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (١٣٣ و١٣٤) ، والشاشي في «مسنده» (١٣٩٤) ، وابن عدي في «الكامل» (٢/٥١١) ، والبيهقي في «الكبرى» (٩/١٦٨) ، وفي «الشعب» (٤٢٦٥) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٥/٢٢٠) ، وأبو العباس الأصم في «حديثه» (ج٣ رقم ٩٧) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢٧/٤٣ و٤٤) ، من طرقٍ عن بقية بن الوليد، به.
ورجاله ثقات. وبقية بن الوليد مدلس تدليس التسوية. ولكنه صرّح بالتحديث في بعض الروايات، كما في رواية أبي داود، والشاشي، وأبي العباس الأصم، وابن عساكر، وغيرهم.
فالحديث حسن إن شاء الله. وانظر: «الصحيحة» (١٩٩٠) .
(١) القول أنهم أهل الفقه والدين هو قول جَمْعٍ من الأئمة، وعلى رأسهم جابر بن عبد الله، وابن عباس، ثم من بعدهما مجاهد، وعطاء، والحسن البصري، وأبو العالية، ومالك، والضحَّاك، وغيرهم.
والقول بأنهم أمراء السرايا؛ هو قول أبي هريرة، أخرجه عنه ابن جرير (٨/٤٩٧ رقم ٩٨٥٦) ، وسعيد بن منصور (٦٥٢) ، وابن المنذر (١٩٢٥، ١٩٢٦) ، وابن أبي حاتم (٣/٩٨٨ رقم ٥٥٣٠) في «تفاسيرهم» ، وابن أبي شيبة في «المصنف» (١٢/٢١٢-٢١٣، ٢١٤-٢١٥ رقم ١٢٥٧٧، ١٢٥٨٥) ، بسند صحيح، وأخرج عن ميمون بن مهران، وغيره؛ نحوه. وهو ظاهر الأحاديث التي ذكرها المصنف في الباب، وهو ظاهر اختيار البخاري، حيث بوَّب عليه في «صحيحه» في كتاب التفسير، قال: (باب {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ} ، ذوي الأمر) . وأسند البخاري برقم (٤٥٨٤) ، ومسلم (١٨٣٤) ، وابن المنذر (١٩٢٤) وغيرهم، إلى ابن عباس في الآية، قال: «رنزلت في عبد الله بن حذافة السهمي» ، ورجَّح الإمام الشافعي القول بأن المراد بهم الأمراء، واحتجَّ له بأن قريشاً كانوا لا يعرفون الإمارة، ولا ينقادون إلى أمير، فأمروا بالطاعة لمن وَلِي الأمر.
وتبويب البخاري بأنهم أولي الأمر، هو تفسير أبي عبيدة معمر بن المثنى في «مجاز القرآن» (١/١٣٠) هذه الآية، وزاد: والدليل على ذلك أن واحدها (ذو) ، أي: (واحد أولي) ؛ لأنها لا واحد لها من لفظها. =

<<  <   >  >>