للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو لأنهم تُقُدِّم إليهم بالدعوة فلم يجيبوا؛ لم يُؤذنوا بحرب، بل تستعمل معهم المكيدة، والمكر، والخديعة الجائزة في الحرب، ولا يعلمون بوقت الهجوم عليهم؛ لأنه أنكى لهم وأبلغُ في عقوبتهم والنَّيلِ منهم، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ببني المصطلق على ما في حديث ابن عمر (١) .

وفي كتاب مسلم (٢) ، عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحرب خُدعة» .

وفي البخاري (٣) ، عن كعب بن مالك، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَلَّمَا يريد غزوة يغزوها؛ إلا ورَّى بغيرها.

* مسألة:

صفة الدعوة: أن يَعرِضَ عليهم الإقرارَ لله -تعالى- بالإلهية والوحدانية، إن


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب العتق (باب من مَلَك من العرب رقيقاً، فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية) (رقم ٢٥٤١) ، ومسلم في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام، من غير تقدم الإعلام بالإغارة) (١٧٣٠) .
وفي مسألة اشتراط الدعاء قبل القتال خلاف -على ما ذكر المصنف-.
قال الحافظ في «الفتح» (٦/١٠٨) : «وهي مسألة خلافية: فذهب طائفةٌ منهم: عمر بن عبد العزيز، إلى اشتراط الدعاء إلى الإسلام قبل القتال، وذهب الأكثر إلى أن ذلك كان في بَدْء الأمر قبل انتشار دعوة الإسلام، فإن وُجِد من لم تبلغه الدعوة، لم يقاتل حتى يُدعى، نصَّ عليه الشافعي. وقال مالك: من قربت داره؛ قوتل بغير دعوة؛ لاشتهار الإسلام، ومن بَعدت داره؛ فالدعوة أقطع للشَّك» ا. هـ.
قلت: وكلام المصنّف في المسألة قويٌّ متّجهٌ.
(٢) في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب جواز الخداع في الحرب) (١٧٣٩) .
وأخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير (باب الحرب خدعة) (رقم ٣٠٣٠) كلاهما من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-.
وأخرجه البخاري (رقم ٣٠٢٨ و٣٠٢٩) ، ومسلم (١٧٤٠) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وضبطت (خَدْعة) بفتح الخاء المعجمة وبضمها مع سكون المهملة فيهما، وبضم أوله وفتح ثانيه، قال النووي: اتفقوا على أنّ الأولى أفصح، انظر: «فتح الباري» (٦/١٥٨) .
(٣) في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب من أراد غزوةً فورَّى بغيرها، ومن أحبَّ الخروج يوم الخميس) (رقم ٢٩٤٨) .

<<  <   >  >>