للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولٌ ثالث: إنها محكمة عامَّةٌ في خطاب جميع المسلمين؛ أهل بدرٍ وغيرهم، ثابتة الحكم في ذلك إلى يوم القيامة، والفرارُ من الزحف كبيرةٌ من الكبائر، وإليه ذهب ابن عباسٍ (١) وجماعةٌ من أهل العلم.

وهذا القول أولى الأقوال وأرجحها -إن شاء الله تعالى-.


= القرآن الكريم» للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد الأمين بن المختار الشنقيطي -رحمه الله- (ص ١٠١) .
ومذهب أبي سعيد الخدري، والحسن، وعكرمة؛ أخرجه عنهم أحمد -ولم أجده في «المسند» ، ولا في «مسائله» المطبوعة باختلاف رواتها-، ومن طريقه ابن الجوزي في «نواسخ القرآن» (ص ١٦٥) .
وقال ابن أبي زيد القيرواني في «النوادر والزيادات» (٣/٥٠) : «قال الحسن: لم يكن الفِرار من الزحف كبيرة إلا يوم بدرٍ، لأن تلك العصابة لو أصيبت ذهب الإسلام» . وانظر: «تفسير ابن أبي حاتم» (٥/١٧٢٩رقم ٩١٤٠) ، و «مرويات الإمام أحمد في التفسير» (٢/٢٦٣) .
وقد ردَّ المصنف هذا القول، كما ردَّه ابن حزم وناقشه. فانظر: «المحلى» (٧/٢٩٣) .
(١) أخرجه البخاري (رقم ٤٦٥٣) .
وفيه التصريح بالتخفيف فقط، وأنها محكمة غير منوسخة. وقد مضى قريباً.
وأخرج أبو جعفر النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص ١٨٥) عن ابن عباس قال: «الفرار من الزحف من الكبائر» . ونقله عنه القاضي ابن العربي في «الناسخ والمنسوخ» (٢/٢٢٨) .
والصحيح كما قال المصنف -رحمه الله- أن الآية على عمومها؛ لأنها ظاهر القرآن في قوله تعالى: {فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ ... } يعني: يوم الزحف، وماثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه عدَّ الكبائر فقال: «والتولي من الزحف» .
أخرجه البخاري (٢٧٦٦، ٦٨٥٧) ، ومسلم (٨٩) .
وهذا نصٌ لا غبار عليه، وسيذكره المصنف قريباً.
وانظر: «الناسخ والمنسوخ» لابن العربي (٢/٢٢٩) ، ولأبي جعفر النحاس (ص ١٨٥) ، و «الإيضاح» لمكِّي بن أبي طالب (ص ٢٩٧) ، و «نواسخ القرآن» لابن الجوزي (ص ١٦٦) ، و «تفسير ابن جرير» (٩/٣٨- وما بعدها) .
وانظر تفصيل مناقشة هذه الأقوال في: «الآيات المنسوخة في القرآن الكريم» ، للشيخ عبد الله ابن محمد الأمين الشنقيطي (ص ٩٩-١٠٤) . ومال فيها إلى النسخ، أي: التخفيف عن المؤمنين، وليس الفرار أو التحيز.
وانظر: «البيان والتحصيل» لابن رشد (١٠/٤٩) .

<<  <   >  >>