للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعيين ما حُرِّم من النساء {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] ، قالوا: المحصنات هنا ذوات الأزواج؛ حرَّم الله نكاحهن، إلا ما ملكت أيمانكم، أي: ما سَبيتُموه منهنَّ، فهُنَّ لكم حلالٌ بملك اليمين، وفي تأويل الآية خلافٌ وأقوالٌ غيرُ هذا، ويتأيَّد هذا التأويل بما خرّجه مسلم (١) ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حُنين بعثَ جيشاً إلى أوطاس، فلقوا عدوّاً فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، فكأنَّ ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحرَّجوا من غشيانهنّ من أجل أزواجهنَّ من المشركين، فأنزل الله -عز وجل- في ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] ، أي: فهنَّ لكم حلال إذا انقضت عِدَّتهن،

وتظاهر على هذا القول تفسير كثيرٍ من أهل العلم واختيارهم.

وروى إسماعيل القاضي عن محمد بن علي ابن الحنفيَّة مثله في سَبْي أوطاس، ورُوي القول بذلك عن ابن عباسٍ (٢) ، وابن مسعود (٣) ، وقاله إبراهيم (٤) ، والشعبي (٥) ، والحسن (٦) ، وجماعةٌ غيرهم (٧) .


(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» في كتاب النكاح (باب حكم العَزْل) (١٤٣٨) .
وأخرجه البخاري في عدة مواطن، بالأرقام: (٢٢٢٩، ٢٥٤٢، ٤١٣٨، ٥٢١٠، ٦٦٠٣، ٧٤٠٩) .
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٤/٢٦٨) -ومن طريقه ابن المنذر في «الأوسط» (١٢/٦٣) -، والحاكم في «المستدرك» (٢/٣٠٤) ، وعنه البيهقي في «الكبرى» (٧/١٦٧) عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال في هذه الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ} قال: كل ذات زوج إتيانها زنىً إلا ما سُبِيَتْ.
وانظر: «تفسير الطبري» (٥/٢) ، «المغني» (٨/٤٢٧) ، «أحكام القرآن» للجصاص (٢/١٣٥ و٣/٤٣٩) .
(٣) رواه الشافعي بإسناده إليه. فيما ذكر البيهقي في «الكبرى» (٧/١٦٧) .
(٤) أخرجه عنه ابن أبي شيبة في «المصنف» (١/٢١٣) ، وأبو يوسف في كتاب «الخراج» (ص ٢٠٧) .
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣/٤٣٠- ط. دار الفكر) .
(٦) أخرجه عنه عبد الرزاق في «المصنف» (٧/٢٨٢ رقم ١٣١٨٠) وفي إسناده مجهول.
وانظر: «المحلّى» (٩/٤٤٦) .
(٧) منهم: مكحول، والزهري، ونسب إلى علي -رضي الله عنه-. انظر: «الدر المنثور» (٢/=

<<  <   >  >>