واحتج ابن حزم لما ذهب إليه: أنهم أهل كتاب -كما مضى ذكر ذلك عنه- بأثر سعيد، فحكمهم كحكم أهل الكتاب في كل ذلك. وقال: لم يفسح الله -تعالى- في أخذ الجزية من غير كتابي، وأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - من المجوس، وما كان ليخالف أمر ربه -تعالى-. وردَّ قول من استدل بقول الله: {أَن تَقُولُوا إِنَّمَآ أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} [الأنعام: ١٥٦] ، بأن هذا بنصِّ الآية نهيٌ عن هذا القول لا تصحيحاً له، وقد قال -تعالى-: {وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} [النساء: ١٦٤] ، والله أعلم. وقال ابن حجر في «الفتح» (٩/٤١٧) : «ذهب الجمهور إلى تحريم النساء المجوسيات، وجاء عن حذيفة أنه تسرّى بمجوسية، أخرجه ابن أبي شيبة، وأورده -أيضاً- عن سعيد بن المسيب وطائفة، وبه قال أبو ثور» . قلت: وقوله: «وطائفة» تحريف عن «طاوس» ؛ فلتصحح. واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى الكبرى» (٣/٩٥) جواز وطء المجوسيات بملك اليمين، وهذا مذهب المنقول عنهم الجواز آنفاً، قال القرطبي في «تفسيره» (٥/١٤٠) : «وقد روي عن طاوس ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار أنهم قالوا: لا بأس بنكاح الأمة المجوسية بملك اليمين» . قال: «وهو قول شاذ مهجور، ولم يلتفت إليه أحدٌ من فقهاء الأمصار، وقالوا: لا يحل أن يطأها حتى تسلم» . وانظر: «الجامع للاختيارات الفقهية» (٢/٥٧٩-٥٨١) . (١) رواه ابن حزم في «المحلَّى» (٧/٤٥٦) ، بإسناده إلى سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب. وذكره عنه ابن عبد البر في «الاستذكار» (٩/٢٩٢) ، وقال: «والناس على خلافه» ، وانظر الهامش السابق. (٢) انظر في فقه الحنفية: «مختصر الطحاوي» (٢٩٧) ، «الهداية» (٤/٣٩٣) ، «اللباب» (٣/٢٢٣) ، «الاختيار» (٥/١٣) ، «البناية» (٩/١٢) ، «فتح القدير» (٩/٤٨٨) ، «النتف في الفتاوى» (١/٢٢٨) . وفي فقه المالكية: «المعونة» (٢/٧٠٦، ٨٠٠) ، «التفريع» (١/٤٠٦) ، «جامع الأمهات» (٢٢٣، ٢٦٨) ، «الكافي» (١/٤٢٩) ، «فصول الأحكام» (٢٣٠) ، «الإشراف» (٣/٣٢٨ رقم ١١٦٤- بتحقيقي) ، «تفسير القرطبي» (٥/١٤٠) ، «الاستذكار» (٩/٢٩٣) ، «الرسالة» (١٨٧) ، «قوانين الأحكام» (١٩١) ، «التلقين» (١/٢٧٠) ، «الذخيرة» (٣/٤٥١) . =