للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا بياناً شائعاً ذائعاً بكل وجه من أنواع البيان شرعا وقدراً، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم؛ فكيف العمل به؟! " (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان المقصود من الولايات والإمامة: "فالمقصود الواجب بالولايات: إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانا مبينا، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم .. فالمقصود أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا" (٢).

فمقاصد الإمامة تتمثل في مقصدين كبيرين هما: إقامة الدين، وسياسة الدنيا بالدين. وجماع هذه المقاصد هو إقامةُ أمر الله ﷿ في الأرض على الوجه الذي شرع، والأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر، الأمرُ بكل معروف ونشر الخير والرفع من قدره، والنهيُ عن كل منكر والقضاء على كل فساد والحط من شأنه وأهله، وهذا هو الهدف والمقصد الأساسي للإمامة في الإسلام، وقد أوضح الله ﷿ هذا الهدف في كتابه الكريم حيث قال: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)[الحج: ٤١].

ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أنه يجب نصب إمام للمسلمين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "يجب أن يُعرف أن وِلايةَ أمرِ الناس من أعظمِ واجباتِ الدين، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها. فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولابد لهم عند الاجتماع من رأس" (٣).

فوجود جهة حاكمة تقيم الشرع وتضبط الأمن وتمنع العدوان من ضرورات الحياة، فضلا عن كونها من أعظم الواجبات الدينية (٤).

وعلى هذا النهج القويم سار الصحابة بعد انتقال النبي للرفيق الأعلى؛ حيث اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، وبايعوا أبا بكر الصديق ، قبل تجهيز النبي .


(١) مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ١/ ٣٩٤.
(٢) مجموع الفتاوى: ٢٧/ ٢٦٣.
(٣) المرجع السابق: ٢٨/ ٣٩٠.
(٤) انظر: النظام السياسي في الإسلام: ٥١.

<<  <   >  >>