فقد أخبر ﷾ عن حال الرسل ﵊ مع أقواهم، وأنهم كذبوا وأوذوا؛ ولكن النصر والعاقبة للمتقين، وأن سنة الله لا تتبدل، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأنعام: ٣٤]، فكل من سار على نهجهم فسيتعرض لما تعرضوا له من التكذيب والأذى، ولله ﷿ في ذلك حكم عظيمة؛ فإن "من أعظم أسباب ظهور الإيمان والدين، وبيان حقيقة أنباء المرسلين: ظهور المعارضين لهم من أهل الإفك المبين …
وذلك أن الحق - إذا جُحد وعورض بالشبهات- أقام الله ﷿ له مما يحق به الحق، ويبطل به الباطل من الآيات البينات، بما يظهره من أدلة الحق وبراهينه الواضحة، وفساد ما عارضه من الحجج الداحضة …
وذلك بما يقيمه الله ﷿ من الآيات والدلائل التي يظهر بها الحق من الباطل، والخالي من العاطل، والهدى من الضلال، والصدق من المحال، والغي من الرشاد، والصلاح من الفساد، والخطأ من السداد.
وهذا كالمحنة للرجال، التي تميز بين الخبيث والطيب، قال تعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ [آل عمران: ١٧٩] " (١).
"وقد أثبتت الأيام صدق إخلاص الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀، حيث بقي صدى الدعوة، بل ازداد، وحرص الناس في كل مكان على تتبع كتبه ﵀، ودراستها، كما
(١) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ١/ ٨٤ - ٨٧ باختصار.