للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: دعوى الغلو في دعوة الإمام والمقارنة بينها وبين دعوة النبي -

من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوى الغلو في دعوة الإمام والمقارنة بينها وبين دعوة النبي .

يقول فؤاد إبراهيم: "ثمة تماثل مفزع يراد تأكيده وحشد الأدلة المتوالية خلفه بين بعثة الرسول محمد ، وحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فهناك من ينمي الاعتقاد بأن ثمة بعثتين في الإسلام: الأولى تمت على يد محمد بن عبد الله ، والثانية على يد محمد بن عبد الوهاب. ويذكر الشيخ أحمد آل طامي بعضاً من أوجه الشبه بين العصرين فيقول: (عصر الرسول كان عصراً قد بلغ من فساد العقائد والعادات والأخلاق مبلغاً عظيماً، فالأصنام كانت تُعبد من دون الله في المسجد الحرام عند الكعبة وغيرها. كانت العرب قد انحطت إلى أسفل الدركات من الوثنية الممقوتة والعادات السافلة الرذيلة، من شرب الخمور، والبغاء، ووأد البنات، وتحكم الأقوياء في الضعفاء) لينتهي بالقول: (وقصارى ما يقال في هذا العصر أنه عصر انتحار الفضائل الإنسانية الكبرى، والمعاني السامية العليا) (١).

إن تصوّر المهمة الدعوية للشيخ محمد بن عبد الوهاب في قومه، يوحي هو أيضاً بتلك العقيدة. ففي رسالته إلى عبد الرحمن بن عبد الله السويدي من علماء العراق، يشرح الشيخ محمد بن عبد الوهاب رسالته في قومه قائلاً: (بينت للناس إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء والأموات والصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يُعبد الله به، من الذبح والنذر والتوكل، والسجود … ).

ويمضي قائلاً: (وأنا صاحب منصب في قريتي، مسموع الكلمة، فأنكر هذا بعض الرؤساء؛ لكونه خالف عادات نشأوا عليها، وألزمت من تحت يدي بإقامة الصلاة، وإيتاء


(١) الشيخ أحمد بن حجر آل طامي، الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عقيدته السلفية ودعوته الإسلامية وثناء العلماء عليه، الرياض ١٩٩٩ م، ص ٩١ وما بعدها.

<<  <   >  >>