المطلب السابع: دعوى اختلاف أقوال الإمام في مسألة العذر بالجهل، وأنه خالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية (١)
من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ دعوى اختلاف أقوال الإمام في مسألة العذر بالجهل، وأنه خالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، حتى أن أصحابه بعده اختلفوا في هذه المسألة على قولين.
يقول الحسن بن علي الكتاني:"اعلم، رحمك الله، أن كلام إمام الدعوة النجدية في هذه المسألة - أي العذر بالجهل- قد اختلف من موضع لآخر، فإن له كلاماً صريحاً في العذر بالجهل في الأصول، كما أن له كلاماً آخر صريحاً في عدم العذر بالجهل إلا في المسائل الخفية كالصرف والعطف، وهو نوع من أنواع السحر يقصد به تحبيب المرأة لزوجها. وهذا هو الغالب المنتشر من كلامه. وقد اختلف كلام أصحابه بعده في ذلك على مذهبين:
الأول: من يرى العذر بالجهل في الأصول ويحتج بالشيخ وأنه في ذلك موافق لأئمة السنة الكبار. وهذه طريقة بعض المتقدمين وغالب المعاصرين ممن يقتدي بابن عبد الوهاب، ﵀، ويصوب كلامه.
الثاني: من لا يرى العذر بالجهل في الأصول ويرد على الأولين كما فعل إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، ﵀، في رسالته في "تكفير المعين"، وكما هو مذهب جماعة من المتقدمين من النجديين، وعليه جملة المتأخرين المعاصرين، وهو الذي ينصره ويتمسك به من قصدنا من هذه الرسالة الرد عليهم من الغلاة".
ثم قال: "والذي تبين لي بعد طول نظر، وتقلبي في كلام الشيخ المرة تلو الأخرى، ومطالعة كلام أصحابه ﵏، هو أنه يرى العذر بالجهل في أصل الدين لكنه يضيقه جداً حتى يكاد أن يصبح كلا عذر، وهو يفرق بين بلوغ الحجة وبين فهمها. وسبب ذلك قياسه أهل زمانه على المشركين الذين بعث فيهم رسول الله ﷺ، وحمله كلام كثير من العلماء عن
(١) قرأت هذه الدعوى والتي تليها وصححتهما على شيخنا الشيخ عبد الرحمن البراك - حفظه الله- في أربعة مجالس، من ٢٠/ ٢/ ١٤٣٩ هـ.