[المطلب الثامن عشر: دعوى إدخال بعض المسائل في العقيدة وهي ليست منها]
من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ دعوى أن الإمام أدخل في العقيدة من المسائل ما ليس منها.
يقول عبد الله العتِّيق -عند كلامه على بعض المسائل التي أدخلت في العقيدة وليست منها حسب زعمه-: "الدين سعة ورحابة، والشريعة سمحة، راعى الله فيهما أحوال الحياة، فمنح الإنسان فيهما آفاقاً أرحب مما يظن، ليس في الدين ولا في الشريعة شيء من الضيق، وليس في العقائد والإيمان، شيء من الشدة التي تجعل مسار الناس في الحياة صعباً، وإنما فيها من يُمْن الإيمان وأمانه الكثير.
على هذا الشأن كان مسار الدين والشريعة، لم يختلف اختلافاً أخل به فترة الرشد، فكانت الناس على البيضاء التي لم يفسدها شيء إلا جرأة من بعض بدافع غيرة، أو بباع قلّ من العلم، فانتكس حال الناس، فزل الفهم إذ قل العلم واعتل الحلم، فأتي على الناس حين فترة غياب الوعي بالعلم ما أتاهم من إدخال ما لم يكن من أمور عقائدهم إلا في أدق الصور في أمور العقائد، فأصابهم التحوط الخالي من بصيرة العلم، وخفي عنهم إدراك مواطن تلك الأمور في العلم.
وكلما بعد الإنسان عن جوهر العلم أدركته صوره، فتاه في غياهب المباحث، فلا يجد درباً منيراً، ولا يلوي على جادة مستنيرة، فيخوض بطرف "من أثر الرسول" فيرميها في تحرير العلم رمياً يظن الإجادة، فيحسن البيان والفصاحة، فيسري حرفه الخالي من وصف جوهر العلم إلى نفوس تلقت فقبلت.
هذه القضايا، المنثورة، لها طرف يسير دقيق، غير وثيق، في أمور العقائد، لا يشك في ذا، ولكن هذا الطرف لا يأتي في بال فاعل لها، ولا يستقيم حينئذ أن يقال عنها إنها من أمر العقائد، فما صح عدمه في الفاعلين لا يجوز ذكره احتمالاً في مقاصدهم.
هذا الكتاب بيان في عزو بعضها إلى محالها، في مواطنها الأصلية، باحكامها اللصيقة بها، على قانون العلم المزبور في مسطور الكتب، ببرهان قائم، وتوثيق بيّن، بأصيلة العلم وسابلة