للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء]

إن عقيدة الولاء والبراء في أصلها من مقتضيات الإيمان بالله تعالى وشهادة أن لا إله إلا الله، فمن اعتقد التوحيد فإنَّ من حقيقة اعتقاده براءته من الشرك وأهله، فالولاء لله ورسوله والمؤمنين، والبراء من الشرك وأهله من أصول الإيمان، ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ٢٩]، وقال سبحانه: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: ٤].

ويقول الله ﷿: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨)[آل عمران: ٢٨].

وقال سبحانه: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)[آل عمران: ٣١ - ٣٢].

وعن البراء بن عازب ، قال: «كنا جلوسا عند النبي ، فقال: أي عرى الإسلام أوثق؟»، قالوا: الصلاة، قال: «حسنة، وما هي بها؟»، قالوا: الزكاة، قال: «حسنة، وما هي بها؟»، قالوا: صيام رمضان. قال: «حسن، وما هو به؟»، قالوا: الحج، قال: «حسن، وما هو به؟»، قالوا: الجهاد، قال: «حسن، وما هو به؟»، قال: «إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله، وتبغض في الله» (١).

وعن ابن عباس أن رسول الله قال: «أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله،


(١) مسند أحمد، برقم: ١٨٤٢٥. وقال محققو الكتاب: حديث حسن بشواهده. وانظر: صحيح الترغيب والترهيب، برقم: ٣٠٣٠.

<<  <   >  >>