للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله» (١).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن تحقيق الشهادة بالتوحيد يقتضي أن لا يحب إلا لله، ولا يبغض إلا لله، ولا يوالي إلا لله، ولا يعادي إلا لله، وأن يحب ما أحبه الله، ويبغض ما أبغضه الله، ويأمر بما أمر الله به، وينهى عما نهى الله عنه" (٢).

وقد جاءت النصوص مبينة أن الولاء والبراء من الإيمان بل هو شرط له يقول الله ﷿: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (٨١)[المائدة: ٨١، ٨٢].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف (لو) التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط فقال: ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ فدل ذلك على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه" (٣).

إن عقيدة الولاء والبراء أصل عظيم من أصول الدين، وشعبة من شعب الإيمان، ولازم من لوازم التوحيد، وتطبيق عملي لكلمة الإسلام كلمة التوحيد؛ قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [البقرة: ٢٥٦]، وهو أوثق عرى الإيمان، وجعل النبي مفارقة المشركين، قرينة التوحيد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فعن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده ، قال: قلت: «يا نبي الله ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن -لأصابع يديه-، ألا آتيك، ولا آتي دينك، وإني كنت امرأ لا أعقل شيئا، إلا ما علمني الله


(١) المعجم الكبير للطبراني، برقم: ١١٥٣٧، وشرح السنة للبغوي، برقم: ٣٤٦٨. وحسنه الألباني، انظر: صحيح الجامع، برقم: ٢٥٣٩، والسلسلة الصحيحة، برقم: ٩٩٨، ١٧٢٨.
(٢) مجموع الفتاوى: ٨/ ٣٣٧.
(٣) كتاب الإيمان: ١٤، ومجموع الفتاوى: ٧/ ١٧. وانظر: تفسير ابن كثير: ٣/ ١٦٤، ومفهوم الولاء والبراء للويحق: http:// www.alukah.net/ web/ lwaiheq/ ٠/ ١٠١٩٨٤، في ٢٧/ ١٠/ ١٤٣٨ هـ.

<<  <   >  >>