للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السابع: دعوى أن دعوة الإمام توالي وتعادي دون ضوابط]

من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوى أن دعوة الإمام توالي وتعادي، دون ضوابط.

يقول محمد يوسف بلال: "وإذا كان الولاء والبراء لدى أهل السنة له ضوابطه فإن السلفية الوهابية لا يعقدون ولاءً إلا لأربابهم، والبراء لديهم يكون من سائر المسلمين المخالفين لهم أولاً! " (١).

ويقول رول مبير: "من المثير للاهتمام أن نرى أن ابن تيمية بدلاً من اتباع أسلافه الحنابلة بشجب مفهوم الولاء والبراء بصفته بدعة، يستخدم في الواقع المفهوم وسيلة لمقاتلة البدع. وبتحويل الولاء والبراء إلى أداة تحافظ على المسلمين بعيداً عن الممارسات غير الإسلامية، يطبق ابن تيمية هذا المفهوم ضد البدع الدينية بدلاً من رؤية المفهوم نفسه بوصفه بدعة. وهذا الرأي الإيجابي بالولاء والبراء تعزز بكتابات لاحقة في هذا الموضوع كتبها علماء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وخصوصاً ذرية المصلح الحنبلي المؤثر محمد بن عبد الوهاب (١٧٠٣ - ١٧٩٢). وكان أحد أهم هذه السلالة هو حفيده، سليمان بن عبد الله آل الشيخ (١٧٨٦ - ١٨١٨).

يأخذ سليمان تطوير الولاء والبراء خطوة أبعد وذلك باستخدامه لهذا المفهوم لا مجرد وسيلة لمحاربة البدع ولكن بصفته أداة ضد الكفر، وذلك لأن البدعة الدينية لا تخرج الشخص المذنب بها بالضرورة من الإسلام، ولكن كون الشخص غير مؤمن، أي كافر، يجعله كذلك، وهذا يعني أن سليمان يزيد قيمة الولاء والبراء. وفي كتابات ابن تيمية ما زلنا نستطيع أن نرى الولاء والبراء صفات للمسلمين الصالحين فقط. ويصور سليمان، من الناحية الأخرى، الولاء والبراء بوصفهما اختبار المصداقية للاعتقاد الصحيح لكل المسلمين. وهو يقرر "أوثق عرى الإيمان هي الحب في الله، والبغضاء في الله" ويأمر المؤمنين أن "يقطعوا الموالاة بين المؤمنين


(١) عقائد الإلحاد الوثنية: ٥١، وانظر: ٨٠ - ٨١.

<<  <   >  >>