للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثامن: دعوى تناقض الإمام في شرط قيام الحجة وفهمها (١)

من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوى تناقض الإمام في الأمر الذي يكفر به الجاهل، وهل يشترط قيام الحجة أو فهمها.

يقول الحسن بن علي الكتاني بعد أن نقل عن الشيخ بعض أقواله في العذر بالجهل: "فهذه أهم نقول الشيخ في العذر بالجهل، وهي واضحة في أنه يقول بالعذر في أصل الدين.

أما كيفية هذه الحجة التي تقوم على الجاهل فكلامه فيها يبين أنه ضيق جداً فيها، ومع أنه واضح الاختلاف عن مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ، فإنه يحاول أن يبين أنه موافق له. ولكن هيهات. فإن كلام ابن تيمية صريح غير مختلف، كما أن قرائن واقع الحال تدل على أنه يكاد يجعل هذه المسائل مما يعذر فيها بالتأويل وهو عنده فرع عن الجهل.

قال ابن عبد الوهاب: (وأصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وفهم الحجة، فإن أكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما قال تعالى: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)[الفرقان: ٤٤]، وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها نوع آخر. فإذا أشكل عليكم ذلك فانظروا قوله في الخوارج: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم» (٢)، مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم وقد بلغتهم الحجة ولكن لم يفهموها) (٣)

ثم قال: " ويقول ابن عبد الوهاب كذلك: (من المعلوم أن قيام الحجة ليس معناه أن يفهم كلام الله ورسوله مثل فهم أبي بكر ، بل إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلا من شيء يعذر به فهو كافر كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن مع قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ


(١) قرأت هذه الدعوى والسابقة وصححتهما على شيخنا الشيخ عبد الرحمن البراك - حفظه الله- في أربعة مجالس، من ٢٠/ ٢/ ١٤٣٩ هـ.
(٢) رواه البخاري: ٦٩٣١، ومسلم: ١٠٦٤.
(٣) مجموع المؤلفات: ٣/ ١٢.

<<  <   >  >>