للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾ [الأنعام: ٢٥]) (١).

وأوضح من هذا وأشد ما جاء في رسالة ابن عبد الوهاب لبعض أصحابه لما وقفوا على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فرأوه يخالف ما هم عليه من التسرع في التكفير وتضييق العذر بالجهل، فقال لهم: (ما ذكرتموه من كلام الشيخ (كل من جحد كذا وكذا) وأنكم تسألون عن هؤلاء الطواغيت وأتباعهم هل قامت عليهم الحجة؟ أم لا؟ فهذا من العجب العجاب، كيف تشكون في هذا وقد وضحت لكم مراراً أن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام أو الذي نشأ ببادية بعيدة أو يكون ذلك في مسائل خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف. وأما أصول الدين التي وضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة) (٢) " (٣).

ويقول أيضاً: "وعند النجديين كلام كثير في التفريق بين بلوغ الحجة وفهمها، فعندهم مجرد بلوغ الحجة كافية لإقامتها على الواقع في الكفر، بل منهم من يعد مجرد بلوغ آيات القرآن كافية في ذلك.

وهم يُقِيمون عامة المسلمين الجهال أو علماءهم المتأولين من الأشاعرة والمتصوفين فضلاً عن غيرهم، مقام العرب الذين بعث فيهم رسول الله ، فإن النبي صلوات ربي وسلامه عليه يقول: «والله لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا كبّه الله في النار» (٤) ".

ثم قال: "والمشركون وغيرهم من سائر طوائف الكفر إنما قامت عليهم الحجة برسول الله ومن قبله من الأنبياء أنهم كانوا مؤيدين بالمعجزات والبراهين القاطعة، كما قال النبي : «ما من نبي إلا قد أوتي ما على مثله آمن الناس، ولقد كان ما أوتيته وحياً يتلى» (٥). وليس


(١) الدرر السنية في الفتاوى النجدية، لابن قاسم العاصمي: ٨/ ٧٩.
(٢) حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهمها، لإسحاق بن عبد الرحمن: ص ١٦٥، عقيدة الموحدين.
(٣) مباحث في العذر بالجهل: ٣٨ - ٤٠.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه برقم (٢١٨) من حديث أبي هريرة.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٤٥٩٨) و (٦٧٣٢)، ومسلم في صحيحه برقم (٢١٧)، كلاهما من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>