[المطلب السادس: دعوى أن القول بإمامة المتغلب خروج على الإمام]
من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوى أن القول بإمامة المتغلب خروج على الإمام، وأن هذا القول من الإمام ﵀ مخالف لقوله بعدم الخروج على الأئمة، وأنه غلو في السمع والطاعة لولى الأمر.
يقول أحمد الكاتب:" وإذا عدنا إلى مرجع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو ابن تيمية فسوف نجد أنه يفتح نافذة واسعة على الثورة والخروج والتمرد على الإمام، أي إمام، ويعطي لصاحب كل قوة أن يتمرد على الإمام؛ لأنه أساساً يعقد الإمامة لمن غلب، بغض النظر عن توفر الشروط الشرعية فيه أو اختياره عبر أهل الحل والعقد، خاصة إذا التزم الخارجي المتغلب بالشريعة الإسلامية أو أخذ على الإمام القائم عدم التزامه بالشريعة، وذلك لأن ابن تيمية اعتبر الخروج الحقيقي هو الخروج على الشريعة لا على الإمام، وبذل قصارى جهده لتحويل الأنظار من شخص (الإمام) إلى (الشريعة). ولم يكن (الإمام) في نظره يشكل مركز الشرعية، وإنما الشريعة هي المعيار لشرعية أي نظام. وقد اختلف بذلك مع عامة الفقهاء السنة السابقين الذين كانوا يضفون على الحاكم نوعاً من القدسية والشرعية ويحرّمون الخروج عليه"(١).
ثم يقول: " وإذا كان ابن تيمية قد توصل إلى جواز الخروج ووجوب الثورة واستعمال القوة ضد من يمتنع عن الالتزام بالشريعة الإسلامية، رغم عدم قوله بكفر الأمة، فقد كان من الأولى بمحمد بن عبد الوهاب الذي قال بارتداد الأمة جمعاء، أن يرفض أي التزام بوحدتها القائمة أو الخضوع لإمام (الأمة الكافرة)، وأن يقوم بالخروج على الدولة الإسلامية، وأن لا يجد بالطبع في أحاديث وجوب الطاعة للإمام، أي معنى. ولذلك لم يعد لديه أي التزام بالطاعة للدولة العثمانية، أو المحافظة على الجماعة، إذ أن الجماعة في مفهومه هي (جماعة التوحيد) الوهابية فقط، وهم وحدهم:(أهل الحق والمسلمون)، الذين يجب أن يدخل الآخرون في طاعتهم وجماعتهم.