للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الوقت الذي كان يفترض أن يتصدى الشيخ محمد بن عبد الوهاب بنفسه لقيادة الحركة أو الدولة الوهابية أو (الأمة الإسلامية الجديدة) التي كان يبنيها بيديه، كما يفعل أي ثائر يجمع أنصاره ويقود الثورة ليؤسس النظام الجديد الذي يريد، ويجعل نفسه قائداً لذلك النظام الثوري .. لكن الشيخ لسبب أو لآخر، فضَّل الاتفاق مع بعض الأمراء المحليين في نجد، ومبايعتهم بشرط النصرة" (١).

ويقول أيضًا في الدعوة إلى طاعة الإمام في ظل الدعوة الوهابية وتحريم الخروج عليه: "وإضافة إلى إيمان الشيخ محمد بن عبد الوهاب بشرعية الحاكم المتغلب والقاهر، ورفضه للشورى، كان يدعو الناس إلى طاعة الإمام في ظل الدولة الوهابية والتسليم له، ويحرم الثورة عليه، بغض النظر عن طبيعة سياسته وسلوكه، إذ يقول: (أرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله) (٢)، و (إن من تمام الاجتماع: السمع والطاعة لمن تأمر علينا ولو كان عبداً حبشياً) (٣). ويقول: (من ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة، وجبت طاعته وحرم الخروج عليه) (٤)، وذلك ضمن السياق العام للموقف السني المدعوم بروايات كثيرة حول الموضوع.

وعلى رغم وجود رأي لابن تيمية يجيز الخروج على أي حاكم، بشرط الالتزام بالشريعة الإسلامية، وعدم إدانته للخروج بصورة عامة إلا إذا كان خروجاً على الشريعة، فإن الفكر السياسي الوهابي، بعد إقامة الدولة السعودية، غض الطرف عن ذلك الرأي وعاد ليتمسك بالرأي السني القديم الذي يحرم الخروج على الحاكم بصورة مطلقة.

وكانت فكرة الطاعة المطلقة للإمام قد ارتبطت من قبل، في الفكر السياسي السلفي (السني)، بنظرية شرعية إمامة المتغلب بغض النظر عن تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة أو الالتزام بالقانون، وتهميش دور الأمة في عملية الإصلاح الاجتماعي أو المعارضة السياسية،


(١) المرجع السابق: ٥١.
(٢) عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الدرر السنية في الأجوبة النجدية: ١/ ٣٠، ٣٣.
(٣) عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الدرر السنية في الأجوبة النجدية: ١/ ١٧٣.
(٤) عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الدرر السنية في الأجوبة النجدية: ١/ ٣٠، ٣٣.

<<  <   >  >>