للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب العاشر: دعوى أن إثبات الحركة لله يلزم منه قيام الحوادث بالله تعالى]

من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوى إثبات الحركة والانتقال لله ﷿، وأن هذا ينافي تنزيه الله عن الحركة والزوال من مكان والانتقال إلى مكان أخر.

يقول عثمان النابلسي: "اتفق السلف الصالح وأهل السنة والجماعة على تنزيه الله تعالى عن الحركة والزوال من مكان والانتقال إلى آخر، وقد صح عن الإمام التابعي الكبير المفسر قتادة السدوسي (٦٠ - ١١٧ هـ) أنه نزّه الله تعالى عن التغير والانتقال، حيث روى الإمام الطبري (١١/ ٤٨٠) في تفسيره: (حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦)[الأنعام: ٧٦]، علم أن ربه دائم لا يزول). وقد حسن هذا الإسناد الشيخ شاكر أربع مرات في تحقيق تفسير الطبري.

والزوال هو الانتقال من مكان إلى آخر، قال ابن فارس في مقاييس اللغة (٣/ ٣٨): (زول: الزاء والواو واللام أصل واحد يدل على تنحي الشيء عن مكانه. يقولون: زال الشيء زوال، وزالت الشمس عن كبد السماء تزول. ويقال أزلته عن المكان وزولته عنه).

وقد ذهب الإمام السلفي أبو إسحاق الزجاج الحنبلي (٢٤١ - ٣١١ هـ) إلى أن المنتقل من مكان إلى مكان .. محدث لا يصلح للإلهية، فقال في معاني القرآن (٢/ ٢٨٨): " ﴿قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾، أي: لا أحب من كانت حالته، أن يطلع ويسير على هيئة يتبين معها أنه محدث، منتقل من مكان إلى مكان" (١).

ثم قال: " لكن إذا رجعنا إلى عقيدة التيمية وجدناهم يثبتون لله تعالى الحركة والانتقال خلافاً لأئمة السلف والخلف من أهل السنة.

جاء في فتاوى ابن باز (٥/ ٥٤):


(١) الرؤية الوهابية للتوحيد: ٤٠٥. وانظر: تحقيق مسائل مهمات من علم التوحيد والصفات: ١٧٦.

<<  <   >  >>