للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرّف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيّف، ولا أمثّل صفاته تعالى بصفات خلقه؛ لأنه تعالى لا سميّ له ولا كفؤ له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه؛ فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً، فنزّه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعمّا نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل فقال: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)[الصافات: ١٨٠] ".

[قوله في القدر]

"والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية (١) والجبرية (٢)، وهم في باب وعيد الله وسط بين المرجئة (٣) والوعيدية (٤) ".

"وأومن بأن الله فعال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور".


(١) القدرية اسم عام يجمع كل من ينفي القدر، وهم طائفتان: منهم من ينفي العلم عن الله، وهم القدرية الغلاة، وقد انقرض هؤلاء، ومنهم من ينفي الخلق عن الله، وهم القدرية غير الغلاة من المعتزلة ومن وافقهم من الشيعة والإباضة، وكلهم مجمعون على أن العبد يخلق فعل نفسه، وأن الله لا يخلق أفعال العباد: انظر: التنبيه والرد: ١٧٦، والفرق بين الفرق: ١١٤، والفصل: ٣/ ٢٢، والتبصير في الدين للإسفرايني: ٥٣، الملل والنحل ١/ ٥٦.
(٢) الجبرية: اسم عام يجمع كل من ينفي حقيقة الفعل عن العبد ويضيفه إلى الله تعالى، وهم أصناف متعددة، يدخل فيهم الجهمية، والضرارية، والكلابية ومن وافقهم. انظر: الملل والنحل للشهرستاني: ١/ ٨٥، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين: ١٠٣، والبرهان في معرفة عقائد أهل الأديان: ٤٢.
(٣) المرجئة: من الرجاء أو من الإرجاء وهو التأخير، فيؤخرون العمل عن مسمى الإيمان، والإيمان عندهم هو الاعتقاد بالقلب دون الإقرار باللسان والعمل بالجوارح، ويقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة. انظر: مقالات الإسلاميين: ١/ ٢١٣ - ٢٣٤، التبصير في الدين للإسفراييني: ٩٧ - ٩٩، البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان: ٣٣ - ٤٧، التنبيه والرد: ٥٧ - ٦١.
(٤) الوعيدية: هم الذين يقولون بإنفاذ آيات الوعيد، وأن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب؛ فهو مخلَّد في النار. وقالوا: إن الله توعَّد العاصين بالنار والعذاب، وهو لا يخلف الميعاد. انظر: الملل والنحل ١/ ١٣، ٢٨، ١١٤، ١٤١. وشرح العقيدة الواسطية للهراس: ١٨٨.

<<  <   >  >>