للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: دعوى أن دعوة الإمام حركة سياسية]

من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوى أن دعوة الإمام حركة سياسية وليست دينية، وأن أصل الدعوة كان دينياً، وبعد الاتصال بالإمام محمد ابن سعود صارت سياسية، وهذا أدى إلى التصالح بين الحركة الدينية والحركة السياسية ودعم بعضها لبعض.

يقول عبد الله المالكي: "عندما تتأسس الدولة على حلف واتفاق بين الحاكم السياسي والفقيه الداعية، ويتم بموجبه تبني دعوة ذلك الفقيه ومناصرتها ونشرها بين الناس، في مقابل أن يمنح الفقيه الشرعية الدينية لتلك السلطة وسياسة الحاكم، فإننا حينئذ نتحدث عن مفهوم (دولة الأمير والشيخ).

دولة (الأمير والشيخ) هي دولة تقوم على طرفين في إدارة الحكم: طرف يتولى إدارة الشأن السياسي داخلياً وخارجياً، وطرف آخر يتولى إدارة الشأن الديني في المجال العام، وهذا التقسيم الثنائي لا يعني الانفصال المطلق بين المجال السياسي والمجال الديني، بل بينهما اتصال من جهة وانفصال من جهة أخرى كما سيأتي، كما لا يعني خروج المجال الديني عن سلطة الدولة، وإنما يعني أن السلطة قد انقسمت بين الأمير والشيخ .. بعبارة أخرى نحن أمام حالة تعاقدية تبادلية (معنوية ومادية) بين سلطة زمنية وسلطة روحية، بحيث تمنح السلطة الروحية الشرعية والطاعة للسلطة الزمنية في مقابل أن تقوم السلطة الزمنية بدعم وتمكين السلطة الروحية" (١).

ثم ذكر ما يترتب على هذا التحالف، فقال: "هذا التحالف والتوافق (الحصري) بين طرفي الحكم يترتب عليه عادة أثران سياسيان:

الأثر الأول: تبني الحاكم لمذهب الفقيه (الحليف) والانحياز له بشكل مطلق ودعمه ونشر دعوته، ومناصرته في مقابل المذاهب والأفكار الدينية الأخرى التي تختلف مع ذلك الفقيه، الأمر الذي قد يدفع بتلك المذاهب الدينية إلى أن تتخذ موقف المعارض لذلك الواقع السياسي


(١) دولة الأمير والشيخ تصور الدولة ووظيفتها في الفكر الوهابي: ٤٨٩.

<<  <   >  >>