للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: دعوى المبالغة والتعظيم لمسائل الإمامة والسمع والطاعة]

من الدعاوى التي أثيرت ضد دعوة الإمام دعوى المبالغة والتعظيم لمسائل الإمامة والسمع والطاعة حتى أصبح العلماء تحت سيطرة الدولة.

يقول محمد العطاونة، عند كلامه عن الحكام والعلماء، وأنهما: " يعتمدان على بعضهما ولا يمكن أحدهما البقاء من دون الآخر. وهذا واضح في الفكر السياسي الوهابي الذي يمثل اندماجاً كلياً للدين والسياسة. فبحسب المبادئ الوهابية، الإسلام ليس ديناً فقط وإنما هو نظام شامل، الشؤون العامة والاجتماعية والسياسية، بينما الشريعة الإسلامية قانون أخلاق شامل يحكم في كل الأمور بما فيها إدارة الحكم.

يمكن القول إن إعادة ترتيب مؤسسات الإفتاء في عام ١٩٧١ م، التي جرت من خلال قيام إدارة الدولة بلم شمل عدد غير مسبوق من كبار العلماء، مؤشر على الصلات القوية بين العلماء والدولة. ومع ذلك فإن دمج العلماء في إطار إدارة الدولة أحدث تغييرات في العلاقة التقليدية بين الدين والدولة. وتظهر هذه التغييرات في استحداث طريقة جديدة بين العلماء والحكومة، أصبح العلماء مندمجين فيها وتابعين بشكل مباشر للملك وتحت سيطرته" (١).

وقال أيضا: " تعتمد النظرية السياسية الوهابية التقليدية على افتراض أن هدف الحكومة في الإسلام صون الشريعة وإنفاذ تعاليمها. ولصيانة الشريعة وإنفاذها، هناك حاجة إلى حاكم زمني، وطاعته واجب ديني، ولكن مع ذلك يتوجب على هذا الحاكم أن يستشير العلماء المكلفين والمشهورين بتوضيح مبادئ الشريعة. ولقد قسم الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت: ١٧٩٢ م) هيمنة الدولة بين العلماء الذين يشكلون المرجعيات في أمور الفقه وبين الأمراء الحاكمين الذين يملكون السلطة والذين يفترض أنهم يستشيرون العلماء. وفي هذه العلاقة الثنائية إنفاذ الشريعة يتطلب حاكماً ملتزماً بمبادئها وتحتاج الدولة إلى دعم وشرعية مستمرين" (٢).


(١) الإسلام الوهابي في مواجهة الحداثة: ٦٩.
(٢) المرجع السابق: ٧٣.

<<  <   >  >>