للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

واجهت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب منذ بداية ظهورها حملةً ومعارضة قوية، سواءً من قبل الأمراء والحكام، أو من قبل بعض المنتسبين إلى العلم، وقد تنوعّت أساليب هذه المعارضة وتعددت جوانبها من الافتراء والكذب عليها، وتأليف الكتب ونشرها ضد هذه الدعوة السلفية التجديدية، وتحريض الحكام عليها، ورميها بالتشدد والتكفير وسفك الدماء.

وقد بين الإمام محمد بن عبد الوهاب سبب هذه الحملة، فقال: " فلما أظهرت تصديق الرسول فيم جاء به سبّوني غاية المسبة، وزعموا أنّي أكفر أهل الإسلام وأستحل أموالهم" (١).

ويصف الشيخ عداوة الخصوم وفتنتهم في رسالته لأحد علماء العراق، فيقول: "ولبّسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، وكبرت الفتنة وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله" (٢).

والله تعالى يقول: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢)[العنكبوت: ٢]؛ لكن الله قد كتب في سابق تقديره، ومحكم تدبيره: أن رسله وجنده هم الغالبون، كما قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)[المجادلة: ٢١]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (٥٦)[المائدة: ٥٦]، وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)[الصافات: ١٧٣].

ولا يزال أهل التوحيد والسنة يُستهدفون من أعداء الإسلام، وأهل البدع بشتى أنواع الوسائل والأساليب، بالسلاح، والفكر، والتشكيك، وكل ما يستطيعون من صنوف الحرب …

قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (١١٣)[الأنعام: ١١٢ - ١١٣].


(١) مجموعة مؤلفات الشيخ: ٥/ ٢٦.
(٢) المرجع السابق: ٥/ ٣٦.

<<  <   >  >>