للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الخامس: دعوى عدم صحة تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام]

من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوى أن تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام مبتدع (١)، وأوردوا على ذلك بعض الشبه (٢)، وأضافوا عليها شبه جديدة.

يقول عثمان النابلسي: "يمثل الوهابية لتقسيمهم التوحيد، بتقسيم اللغويين الكلمة إلى اسم وفعل وحرف، إلا أن هذا الضرب من التقسيم لا ينطبق على تقسيمهم للتوحيد، لأن كل قسم من أقسامه يحمل أحكام المقْسم والجنس الجامع لها، فالاسم يحمل أحكام الكلمة، والفعل يحمل أحكامها، والحرف يحمل أحكامها، فكل من الاسم والفعل والحرف كلمة ويحمل أحكام الكلمة، أي أنّه يصح حمل القِسْم على المقْسم، ومعلوم أن التوحيد هو الإكسير الأعظم، ولو وضعت ذرة منه على جبال الذنوب والخطايا لقلبتها حسنات، وينجي صاحبه من الخلود في جهنم، ويوصله إلى الخلود في الجنة، فلو كان تقسيم التوحيد إلى ربوبية وألوهية من هذا النوع من التقسيم، لكان لكل قسم من أقسام التوحيد أحكام التوحيد الكامل، فيكون الموحد في الربوبية مؤمناً ناجياً، ويكون الموحد في الألوهية مؤمناً ناجياً، إلا أن الوهابية ينكرون أن يكون كل قسم من أقسام التوحيد، يحمل أحكام التوحيد الكامل، من نجاة صاحبه من النار، وخلوده في الجنة، فتمثيلهم تقسيمَهم هذا بتقسيم اللغويين للكلمة باطل.

ولو قال وهابي: إن تقسيمنا للتوحيد هو من باب تقسيم البيت الشعري إلى صدر وعجز، وهكذا ينقسم التوحيد إلى ربوبية وألوهية.

قلت: وهذا باطل أيضاً، لأن كل قسم في هذا النوع لا يحمل أحكام المقْسم، فلا نقول بأن صدرَ البيتِ بيتٌ شعري، ولا نقول أن عجزَ البيت بيتٌ شعري، ولا يوجد اشتراك بين


(١) الإنصاف فيما أثير حوله الخلاف: ٢٣٧، تحقيق مسائل مهمات من علم التوحيد: ١٠٩، ركائز التوحيد في مدرسة محمد بن عبد الوهاب: ٥٨، عقائد الإلحاد السلفية: ٧١، تهافت السلفية: ٢٣، مغالطات السلفية: ١٦٢.
(٢) انظر في الشبه التي ذكروها والرد عليهم: كتاب القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد: ١٦، ٢٣، ٣١، ٣٥، وشبهات المبتدعة في توحيد العبادة: ١/ ١٨٩، ودعاوى المناوئين: ٣٢٨، ٣٣١.

<<  <   >  >>