للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان

الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل، ولا يكون العبد مؤمنا إلا أن يصدق بقلبه، ويقرَّ بلسانه، ويعمل بجوارحه.

قال الإمام الشافعي : "وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركنا: أن الإيمان: قول، وعمل، ونية، لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر" (١).

وقال محمد بن حسين الآجري (٢) في باب "القول بأن الإيمان تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، لا يكون مؤمناً إلا أن يجتمع فيه هذه الخصال الثلاث "، قال: "اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح.

ثم اعلموا أنه لا تجزاء المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً، ولا تجزاء معرفة القلب ونطق اللسان حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمناً، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين .. " (٣).

ويقول الإمام الأوزاعي -رحمه الله تعالى-: "لا يستقيم الإيمان إلا بالقول، ولا يستقيم الإيمان والقول إلا بالعمل، ولا يستقيم الإيمان والقول والعمل إلا بنية موافقة للسنة.

وكان من مضى من سلفنا لا يفرقون بين الإيمان والعمل، العمل من الإيمان، والإيمان من العمل، وإنما الإيمان اسم يجمع، كما يجمع هذه الأديان اسمها، ويصدقه العمل، فمن آمن بلسانه، وعرف بقلبه، وصدق بعمله، فتلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه،


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة: ٥/ ٨٨٦.
(٢) أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري البغدادي، الإمام المحدث الفقيه الشافعي، كان عالماً عابداً صاحب سنة واتباع، انتقل إلى مكة وجاور بها، وبها توفي سنة: ٣٦٠ هـ، وله عدة تصانيف أشهرها: كتاب الشريعة.
انظر: تاريخ بغداد: ٢/ ٢٣٩، وفيات الأعيان: ٤/ ١١٣، وشذرات الذهب: ٣/ ٣٥، وسير أعلام النبلاء: ١٦/ ١٣٣.
(٣) الشريعة للآجري: ٢/ ٦١١، وانظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة: ٤/ ٨٣٢.

<<  <   >  >>