للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمعنى أن الإيمان بوحدانية الرب الخالق الرازق المحيي المميت وبكافة أسمائه وصفاته يستلزم الموحد أن يعبد الله ويوحده في ألوهيته؛ لأنه ما دام أقر واعترف بربوبية الله، وأنه وحده الخالق المالك المتصرف المدبر، وأن له الأسماء الحسنى والصفات العلى؛ فيلزم من ذلك أن يفرده بالعبودية (١).

وأما توحيد الألوهية فهو متضمن لتوحيد الربوبية والأسماء والصفات، بمعنى أن الإيمان بوحدانية الله وصرف العبادة له لا يحصل إلا ممن أقر بأن هذا الإله المعبود رب العالمين، لأن العبادة لا تصرف حقيقة إلا للرب المتصف بالكمال المنزه عن النقص.

وعلى هذا إذا علم العبد أن ربه لا شريك له في خلقه وأمره وأسمائه وصفاته نتج عنه أن يعمل على طاعته وعبادته، ومن عبد إلهه ووحده يكون قد اعترف أولًا بأنه لا رب غيره يشركه في خلقه وأمره، وأنه هو الخالق المالك المتصرف الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى (٢).

يقول ابن القيم : "والإلهية التي دعت الرسل أممهم إلى توحيد الرب بها هي: العبادة والتأليه، ومن لوازمها توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون فاحتج الله عليهم به، فإنه يلزم من الإقرارِ به الإقرارُ بتوحيد الإلهية" (٣).

وقال ابن أبي العز (٤) : "وتوحيد الإلهية متضمن لتوحيد الربوبية دون العكس، فمن لا يقدر على أن يخلق يكون عاجزًا، والعاجز لا يصلح أن يكون إلهًا" (٥).


(١) انظر: تفسير ابن كثير: ١/ ١٩٤، ٢/ ٦، ٢٩٧.
(٢) انظر: العبودية: ٤٩، ومدارج السالكين: ١/ ٤١١، وصيانة الإنسان عن وسوسة دحلان: ٤٧، ودعوة التوحيد: ٨٤.
(٣) إغاثة اللهفان: ٢/ ١٣٥.
(٤) علي بن علي بن محمد بن أبي العز الأذرعي، الدمشقي، الصالحي، المعروف بابن أبي العز، حنفي، القاضي الفقيه، وولي قضاء دمشق ومصر وتوفي بدمشق سنة ٧٩٢ هـ. من مؤلفاته: شرح العقيدة الطحاوية، الاتباع، التنبيه على مشكلات الهداية. انظر: شذرات الذهب: ٦/ ٣٢٦، الدرر الكامنة: ٣/ ٨٧، الأعلام: ٤/ ٣١٣.
(٥) شرح الطحاوية: ٢٩، وانظر: صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان: ٤٨٥، ودعوة التوحيد: ٣٥.

<<  <   >  >>