للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترك المجال السياسي للأمراء والحكام يتصارعون فيه فيما بينهم حتى يغلب أحدهم على الآخر. وقد أضاف الفكر الوهابي إلى ذلك وجوب التسليم والخضوع لأئمة الدعوة الوهابية من قبل أبناء الحركة، فضلاً عن عامة الناس" (١).

حقيقة هذه الدعوى:

هذه الدعوى لها تعلق بدعوى الخروج على الأئمة، والقول بأن إمامة المتغلب يعتبر خروجا على الإمام، وعليه فإن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب تعتبر خروجا على الأئمة، كما أن فيها غلوا في السمع والطاعة لولاة الأمر.

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: سبق الكلام على مسألة الخروج على الأئمة والغلو في السمع والطاعة لولاة الأمور في المبحث الثاني في عقيدة أهل السنة والجماعة في الإمامة، وفي الدعوى الثالثة من هذا الفصل.

ثانيا: أن عقيدة أهل السنة والجماعة في إمامة المتغلب بالاستيلاء ولو كان فاسقًا، فإنه يعتبر إماماً؛ لينتظم شمل المسلمين (٢). ولا يجوز الخروج عليه؛ لما في الخروج على من ثبتت إمامته بالقهر من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وإذهاب أموالهم (٣).

قال علي بن أبي طالب : «لا بد للناس من إِمارة؛ برة كانت أو فاجرة، قيل له: هذه البرة عرفناها فما بال الفاجرة؟! قال: يُؤَمَّن بها السبل، وتقام بها الحدود، ويجاهَد بها العدو، ويقسَّم بها الفيء» (٤).

وحكى الإجماع على ذلك أبو الحسن الأشعري حيث قال: "وأجمعوا على السمع


(١) الفكر السياسي الوهابي: ٧٢ - ٧٥، وانظر: ٦١ - ٦٢، ٦٧، ١٠٠، ١١٦، ١٢٩، ١٥٢ - ١٥٥. والطاعة السياسية في الفكر الإسلامي: ٤٣٢ - ٤٣٧.
(٢) انظر: مغني المحتاج: ٤/ ١٧١، وحاشيتا قليوبي وعميرة: ٤/ ٢٦٦، وتحفة المحتاج: ٤/ ١٢٧، ومآثر الإنافة: ١/ ٥٨، وحاشية البجيرمي: ٥/ ١٠٣، وحاشية الدسوقي: ٦/ ٢٧٦، وشرح المقاصد: ٥/ ٢٣٢.
(٣) مطالب أولي النهى: ٦/ ٢٦٣، وشرح منتهى الإرادات: ٣/ ٢٧٤.
(٤) منهاج السنة: ١/ ٣٧٤. وانظر: تفسير البغوي: ٢/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>