وكذلك من كتب رسالة تحلة قسم، هزيلة بيِّنةً هُزالها، لا تجزئ عند أهل العلم، لكن صاحبها لايريد إلا الشهادة، أو الاسم على الغلاف، كما وقفت على أمثلة ل (أ. د.) فرأيت مساوئ لا تليق بمبتدئ، فمثل هذا ينصح بالكف عن النشر، لئلا تفضحه الأيام، ويسلب الناس منه ما سعى إلى الاتصاف به! !
المسألة الثانية: الوسواس العلمي، وهو مرض نادر ـ فيما أحسب ـ، لأن الشائع ضد الوسواس: العبث العلمي، والمتاجرة المهينة بالعلم وكتبه.
١. قال محمد كرد علي (ت ١٣٧٢ هـ) عن طاهر الجزائري (ت ١٣٣٨ هـ): - رحمه الله - (وقد يؤلِّف الكتاب في بضعة أسابيع على شرط أن يوقن أنه سيطبع. وإذ كان عصبي المزاج يسارع إلى النشر متى افترص الفرصة المناسبة لإخراج التأليف، ويقول: الإتقان لا حَدَّ له، والأغلاط تُصَحَّح مع الزمن). «كنوز الأجداد» لمحمد كرد علي (ص ١١).
٢. قال محمد كرد علي - رحمه الله - (ت ١٣٧٢ هـ): (ولو أنَّ كلَّ مؤلِّف، وكلَّ باحثٍ، وكلَّ مخترعٍ، توقَّف عن نشر ما ألَّفَه وبحثه واخترعه، أو يبلغ غاية الكمال الذي يتخيَّلُه؛ لمضت العصور وما ظهر في العالَم ما يفيد الإنسانية كثيراً.
المتنطعون لا يأتون عملاً كاملاً ولا ناقصاً؛ ويقال لمن يموِّهون بأنهم يتطلبون الكمال بتريثهم عن نشر شئ من أدبهم وبحثهم: لكلِّ حسَنٍ في هذه الدنيا ما هو أحسن منه، والتسويف ليس من الحزم في شئ). «مذكرات محمد كرد علي»(٥/ ٣٤٩ ـ ٣٥٠).
أفادني به مختصراً أحدُ الإخوة ـ ولم يرغب بذكر اسمه هنا ـ جزاه الله خيراً ـ.
٣. قال عبدالفتاح أبو غدة - رحمه الله -: (وكم أماتت رغبةُ الكمال إنجاز كثير من جليل الأعمال، كما أمات التراخي والتسويف كثيراً من فرائد التأليف). «الرسول المعلِّم» ... (ص ٦)، أفاده تلميذه: محمد الرشيد في «ألقاب الأسر»(ص ٩).