فالمراد ما يدان الله به أي يعامل مجازاً والأحكام إنما هي ثلاث: ما تنطق به الألسنة مفرد أو مركباً مع فعل أو تعتقده القلوب مفرد أو مركباً مع فعل أو قول أو تعمله الجوارح مفرداً أو مركباً مع غيره وسيأتي بيان ذلك عند قوله وقد فرض الله سبحانه على القلب إلى آخره فقوله: ما تنطق به إلى آخره بيان لمواقع أمور الديانات وما يتصل بالواجب من ذلك أي ما تنطق به الألسنة وتعتقده القلوب وتعمله الجوارح من السنن أي من الطرائق الشرعية فإن السنة لغة الطريقة وما رسم ليتبع المراد بها عرفا طريقة محمد صلى الله عليه وسلم التي لم يدل دليل على وجوبها ثم إن كان قد فعلها وداوم عليها وأظهرها في جماعة كالوتر والعيدين والاستسقاء أو فهم منه إدامتها كصلاة خسوف الشمس فسنة مؤكدة أي لا يسع تركها، وإن لم يأثم التارك لها وإن اختل الإظهار أو الدوام فنافلة كصلاة الضحى وقيام الليل كما نص عليه الشيخ فيهما بعد لأن صلاة الليل أظهرها ولم يداوم على إظهارها وصلاة الضحى داوم عليها ولم يظهرها حتى قالت عائشة رضي الله عنها:" من حدثكم أنه كان يصلي الضحى فقد كذب "، وصح نقلها عنه عليه السلام من غير وجه فتأمل ذلك وإن وقع الترغيب فيها فقط بمجرد قول: كقوله: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» فرغيبه وكذا بمجرد فعل كالركعتين بعد المغرب وإحياء ما بين العشاءين ونحوه وإنما اختلف في ركعتي الفجر اعتباراً بمدرك الحكم والله أعلم.
وإن كانت منوطة بالفوائد كالأكل والشرب واللباس والسفر ونحوه فهي الآداب هذا ما اقتضاه كلام الشيخ وهو قريب من اصطلاح الشافعية والمحدثين فأما أهل المذهب فكل ما وراء الفرض عندهم نافلة لأن أصل النفل الزيادة ثم يفصل إلى سنة مؤكدة ومخففة ورغيبة ونافلة وهي الفضيلة.
قال ابن بشير ولا فرق بينهما إلا كثرة الثواب وقلته وقد اضطرب أهل المذهب في ذلك بما يفهم منه إن ذلك راجع للاصطلاح وهو لا يتقيد بغير قصد واضعه وبالله التوفيق.
(وجمل من أصول الفقه وفنونه على مذهب مالك بن أنس رحمه الله وطريقته).
يروى بالكسر عطفاً على شيء من الآداب وبالرفع للاستئناف وبالفتح عطفاً