[باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات]
قوله: باب خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا باب والباب عبارة عن المدخل والمخرج وعرف بأنه فرجة في ساتر يتوصل بها من ظاهر إلى باطن ظاهرها الجهل وباطنها العلم حقيقة في الأجسام مجاز في المعاني وفي الكلام إضمار تقديره باب ذكر الشيء الذي ينطق به. فما: موصولة بمعنى الذي ومعنى تنطق تفوه وتتكلم والألسنة: جمع لسان وهو جارحة معروفة وتعتقده تربط عليه وتشد الاعتقاد حتى لا يتفلت.
وقال الأصوليون: الاعتقاد هو الذكر النفسي الذي لا يحتمل النقيض عند الذاكر ثم هو اعتقاد صحيح إن طابق وفاسد إن لم يطابق. والأفئدة: جمع فؤاد والمراد به هنا القلب عبر عنه بلازمه كما عبر بالقلب عن المعنى القائم به وهو العقل والواجب قسمان: شرعي وعقلي.
فالشرعي: ما لا يجوز في الشرع تركه وسيأتي إن شاء الله، والعقلي: ما لا يمكن نفيه ويقابله المستحيل وهو ما لا يتصور وجوده والجائز عديلهما وهو ما لا يمنع تصوره من وجوده ومقابله فهذه أحكام العقل وبها الكلام في الإثبات والنفي وإنما ذكرتها هنا لتعلق الاعتقاد بها والله أعلم.
ومقصود الشيخ في هذا الباب ذكر ما يجب نطقاً واعتقاداً على الجمع والتفكيك: وقد اختلف في إدخاله في أبواب الفقه لتوقفه عليه في باب الردة وغيرها أو لا ولا يدخل في ذلك وضعها هنا لأن الكتاب موضوع لما هو من أمر الدين جملة والله أعلم.
(من ذلك الإيمان بالقلب والنطق باللسان أن الله واحد لا إله غيره ولا شبيه له ولا نظير له ولا ولد له ولا والد له ولا صاحبة له ولا شريك له).
من ذلك أي: مما يجب نطقاً واعتقاداً على التلازم الإقرار له تعالى بالوحدانية من جميع جهات الوحدانية وهو معنى قولنا: " لا إله إلا الله " فالله اسم لذات المعبود الحق الغني عن العلة والفاعل الموصوف بصفات الألوهية والله أطلقته العرب على كل معبود عبد بحق أو باطل فجاء الشرع بنفي ما عمموه وهو قوله: " لا إله إلا الله " أي: لا معبود