يتزحزح ولا يتزلزل ولا يحيد به عن موقعه في توقيع ولا فهم والمتفقهون جمع متفقه أي بالغ في الفقه مبلغ الرد والقبول والتقلب فالمراد المتخلون للفقه على وجه فالأولون كابن القاسم وأشهب وابن وهب وعبد الملك ومطرف وابن كنانة ونحوهم والآخرون كسحنون والشيخ وأمثالهم وقد يراد بالتفقه تفعل الفقه على غير تحقق به وليس ذلك بمراد هنا وقد قال تعالى:{ليتفقهوا في الدين}[التوبة: ١٢٢] أي يتعلموا ما يتعلق به من الأحكام تفهما وتحصيلاً والله أعلم.
(لما رغبت من تعليم ذلك للولدان كما تعلمهم حروف القرآن) لما ذكر مقاصد المطلب وهي خمسة: بيان الواجب نطقاً وعقداً وعملاً وبيان المندوب كذلك على حسب متعلقة من الجوارح وتعلقه وذكر جمل من أصول الفقه وفنونه وكون ذلك مقيداً بمذهب مالك مع ما يحل مشكلة ويفتح مقفلة من كلام عالم راسخ أو متفقه ناصح ذكر السبب الموجب لطلب ذلك والباعث عليه وهو رغبته في تعليم ذلك للولدان كما تعلمهم حروف القرآن أي الحروف التي يقرأ بها القرآن وسواء أراد حروف التهجي أو حروف الرواية فهي التي يقرأ بها فتدل عليه وإلا فنفس القرآن لا يوصف بالحروف الحسية لثبوت قدمه وهي حادثة.
وقد اعترض أبو بكر بن الطيب هذا الإطلاق على الشيخ وأجيب بأن جوازه مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام:«إن هذا القرآن أنزل سبعة أحرف» الحديث والشبه في التعليم من جهة أنه يحصل أولاً حفظاً وضبطاً ثم تصويراً وفهما ثم تتبعا وتدقيقاً ثم إفادة وتحقيقاً والله أعلم ثم بين علة رغبته في ذلك وحرصه عليه فقال:
(ليسبق إلى قلوبهم من فهم دين الله وشرائعه ما ترجى لهم بركاته وتحمد لهم عاقبته).
هذه علة بعد علة لأنه طلب لما رغب ورغب فيما طلب ليسبق ودين الله الإسلام أضيف إليه لأنه ارتضاه ولم يقبل سواه فقال تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ}[آل عمران: ١٩]{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران: ٨٥]{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}[آل عمران: ٨٣] وفهمه إدراك مقاصده وأصوله التي يتميز بها من