ومعنى المبرور قيل الذي يبره صاحبه فلم يعص الله فيه من أول التلبس إلى انقضائه وقيل الذي لم يعص الله بعده وقال عليه السلام:«من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» وكلا الحديثين صحيح وبالله التوفيق.
(ويستحب لمن انصرف من مكة من حج أو عمرة أن يقول أيبون تائبون عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده).
إنما يقول ذلك إشعاراً لنفسه بما كان عليه ليوم حجه (فالآيبون) الراجعون إلى الله في السراء بالحمد والشكر وفي الضراء بالرضا والصبر ولذلك أثنى الله على كل من سليمان وأيوب عليهما السلاك بـ {نعم العبد إنه أواب}[ص: ٤٤] مع اختلاف ما هما فيه لكن استويا في الرجوع إلى الله عما هما فيه والتائب هو الراجع إلى الله تعالى عما لا يرضيه طلبا لرضوانه وتصديقا لوعده عابدون له تعالى بما من به علينا من الحج والعمرة فهو اعتراف بالمنة (لربنا حامدون) على ذلك كله (صدق الله وعده) لنبيه وللمؤمنين إذ قال {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله أمنين}[الفتح: ٢٧] الآية وهو الصادق الوعد في كل شيء (ونصر عبده) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم في دخول مكة وبما قبلها وما بعدها من غزواته وسراياه وغير ذلك.
(وهزم الأحزاب) الذين تحزبوا (وحده) أي بلا سبب من غيره وإن كان الكل من عنده {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِياً عَزِيزاً}[الأحزاب: ٢٥] إذ أرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله قويا عزيزاً لا رب غيره ولا معبود سواه.
خاتمة:
قد أتيت في هذا الباب بما أمكنني متيسرا واهتممت ببيان الصفات وأحكامها واقتصرت بل قصدت فيما وراء ذلك لطوله وعدم مسيس الحاجة إليه مع أنه لا بد لمن أراد العمل به أو تعليمه من مراجعة غيره فليعذر في ذلك وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.