«ليردن على الحوض أقوام فأعرفهم فأقول ألا هلموا فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول فسحقا فسحقا» الحديث، واختلف أهل لكل نبي حوض أو لا حوض إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم أو لكل نبي إلا صالح فإنه قد استعجل حوضه آية لقومه ثلاثة أقوال والأخير رواه الترمذي في حديث ضعيف والذي يتعين من ذلك أن حوض محمد صلى الله عليه وسلم ثابت وحوض غيره محتمل فيقطع بالأول ويفوض غيره إلى الله سبحانه.
(وإن الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بزيادة الأعمال وينقص بنقصها فيكون فيها النقص وفيها الزيادة).
يعني فالقول الذي هو الشهادتان ترجمة ما في القلب من التصديق والإذعان المعبر عنه هنا بالإخلاص لإفراد الوجه فيه إلى الله ورسوله والعمل شرط كمال فقط كما سيأتي ثم الإيمان حقيقة في العقد مجاز في القول والفعل وقد اختلف في القول هل هو شرط فلا إيمان لمن لم يأت به مطلقاً أو شطر فيعتبر ما لم يحصل مانع كاخترام المنية بعد العزم عليه أو عذر كالإكراه على تركه مع تحقق الإيمان بقلبه وهذا هو الصحيح أو لا واحد منهما فيكفي مجرد الاعتقاد ما لم يكن المانع كبراً أو عناداً فلا يختلف في كفره أما النطق وحده فلا يكفي بإجماع أهل السنة خلافاً للنجارية والكرامية وهو باطل ولو سقط العمل مع ثبوت التصديق والإقرار فمذهب أهل الحق أنه مؤمن ويسمى فاسقاً خلافاً للمعتزلة إذ جعلوا الفسق مرتبة بين الكفر والإيمان. وقد مر الكلام عليه.
ثم زيادة الإيمان ونقصانه مختلف فيه على ثلاثة أقوال ثالثها يزيد ولا ينقص وكلها منقولة عن مالك وفي شامل إمام الحرمين كل من أطلق الإيمان على فعل الطاعة زاد ونقص وكان مالك يقول يزيد ولا يقول بنقص ثم لما سأله ابن نافع عند موته قال قد أبرمتمونا وإذا تدبرت هذا الأمر فما شيء يزيد إلا وهو ينقص قال ابن رشد وهو الصحيح، قلت وهو مذهب البخاري وقد انتصر له بظواهر القرآن والسنة كقوله تعالى:{الكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا}[المدثر: ٣١]{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}[مريم: ٧٦]{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}[محمد: ١٧] إلى غير ذلك.
وقال بعضهم الإيمان مثل السراج له آنية هي القول وزيت هو العمل وفتيلة مع نارها ونورها هو الاعتقاد وما يتبعه من أنواره وآثاره فالقول لا يزيد ولا ينقص والعمل