قال بعض الشراح وإنما قال لا تقل سلام الله عليك لأنها تحية أهل القبور قلت وفيه نظرلأن عليه السلام إنما حيا أهل القبور بقوله:" سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" والظاهر أنه إنما نهى عنه لإيهامه الإخبار عن تحقق السلام من الله أو طلب السلام من الله عليه وهي تحية النبوة وقد قال: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا}[النور: ٦٣] بعضا الآية.
(وإذا سلم واحد من الجماعة أجزأ عنهم وكذلك إن رد واحد منهم).
ذكر هنا الابتداء بالسلام من سنن الكفاية والرد من فروض الكفاية وهو المذهب لأن مقصود السلام التأمين ويجوز أمان بعض المسلمين عن بقيتم وحيث الإبرار فالواحد كاف في تحصيل مصلحته خلافا لأبي يوسف من الحنفية وفي حديث علي كرم الله وجهه:" يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزئ عن الجماعة أن يرد أحدهم" رواه أحمد والبيهقي وعليه الجمهور والله أعلم.
(وليسلم الراكب على الماشي والماشي على الجالس).
أما تسليم الراكب على الماشي فللتأمين من جهة أنه قدر عليه فالأمان مطلوب منه غالبا لا من الماشي وأما الإبرار فإنه في عز وكبر والآخر في محل مكابدة وضعة فالعطف من الراكب أولى وأمس بالتواضع وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه:" ليسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير" متفق عليه وفي رواية لمسلم: " والراكب على الماشي" انتهى.
ومقتضاه أن مقصود السلام الإبرار فتأمله وقد قال علماؤنا إنما المذهب الترتيب مع الأمن فأما مع الخوف فلا يسلم إلا على الوجه الذي يأمن به قالوا ويجوز له تركه سلام من يستقل سلامه وذكره ابن فرحون وغيره فانظره.
(والمصافحة حسنة).
يعني مليحة جميلة لأنها تزيل الوغر من القلب وتشعر بالتناصر والتعاضد وكيفيتها وضع الرجل يده في يد صاحبه يشد كل واحد يده قدرا يفهم بوجود القبضة بصاحبه والمشهور ما ذكر من استحبابها وهو مذهب الموطأ خلافا لمن يرى كراهتها أو منعها فقد قال ابن فرحون في نسكه الثلاثة الأقوال عن المذهب وعن ابن رشد الكراهة لرواية