المراد بالمدينة طيبة المشرفة وأشار بذلك لما في الصحيح من أن شابا تزوج امرأة فخرج لبعض حاجته يوم إعراسه فلما رجع وجد زوجته بالب فانتهرها فقالت ادخل لترى فدخل فوجد حية عظيمة فقتلها فلم يدر أيهما أسبق روحه أم روح الحية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أن المدينة جنا قد أسلموا فإن رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثا أيام فإن بدأ لكم فاقتلوه فإنما هو شيطان" روه مسلم وغيره من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وإنما يستحسن ذلك في غير المدينة لاحتمال عزم الأمر فيه ولا تؤذن في الصحراء لئلا تعاجل بالضرر وقال مالك يكفي في الاستئذان أن يقول أحرج عليكن بالله واليوم الآخر أن لا تبدو لنا ولا تؤذونا عياض ولعل مالكا أخذ التحريج مما وقع في صحيح مسلم:" ما حرجوا عليها ثلاثا".
وروى ابن حبي أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان بن داود عليه السلام أ، لا تؤذونا أو تظهروا لنا وفي كون الثلاث معتبرة بالوقت أو بالأيام أو بالخرجات أقوال والصحيح ثلاثة أيام لأنه نص الحديث والله أعلم.
(ويكره قتل القمل والبراغيث بالنار ولا بأس إن شاء الله بقتل النمل إذا آذت ولم يقدر على تركها ولو لم تقتل كان أحب إلينا إن كان يقدر على تركها).
قتل القمل والبراغيث بالعقص والفرك جائز وإنما المكروه قتلها بالنار وقد قال صلى الله عليه وسلم:" إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأسحنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة" ولمسلم من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه ويحكى أن بعض الصالحين خرج للفحص مع أصحاب له فرجع من الطريق وقال إن في المرقعة قملا أخشى إن تركتهم أن يموتوا جوعا فيكون مخالفا لقوله عليه الصلاة والسلام:" إذا قتلتم فأحسنوا القتلة" فأنا آتيها لأفليها أو ألبسها فيأكلوا مني قلت وغايته الشفقة على خلق الله والامتثال لأمر الله وأما النمل فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها قال الخطابي والنهي خاص بالنمل المجنح الكبير الأرجل لأنه لا يضر.