كل ما ذكر في هذه الجمل واضح لا يحتاج إلى تقرير وحاصله النهي عن المفاخرة والكبر بالأنساب ونوع من النهي عن الاشتغال بالفضول ومنه عبية الجاهلية يروي بالمعجمة والمهملة مع الضم أو الكسر وتشديد الموحدة وهي بالمعجمة من الغباوة أي الجهل البالغ وبالمهملة نخوة النفس وكبرها وفي الحديث:" نسب المرء دينه وحسبه خلقه وكرمه تقواه" ولا خلاف أن الكبر حرام ومن افتخر بشرف آبائه كمن ادعى الشبع بأكلهم ويحكى أن الحسن البصري رضي الله عنه مر به المهلب بن أبي ضفرة فلم يلتفت إليه فقال له المهلب أما تعرفني قال نعم أنا أعرف بك منك قال وكيف قال أولك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت فيما بينهما تحمل العذرة ويرحم الله من قال:
كيف يزهو من رجيعه ... أبد الدهر ضجيعه
فهو منه وإليه ... وأخوه ورضيعه
وإنما يكون علم الأنساب علما لا ينفع وجهالة لا تضر إذا كان تقيا وإلا فعلمه يضر وجهالته تنفع ومما ينسب لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
الناس من جهة التمثيل أكفاء ... أبوهم آدم والأم حواء
فإن أتيت بفخر من ذوي حسب ... فإن حسبهما الطين والماء
ووزن كل امرئ ماكان يحسنه ... والجاهلون لأهل العلم أعداء
ووقع لبعض الفقراء أنه نظر إلى التراب فقال لبعض من حضره من كان وجوده من هذا ومصيره لهذا وقوامه من هذا تكبره بماذا انتهى وهو موعظة عجيبة وبالله التوفيق.
(والرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ومن رأى في منامه ما يكره فليتفل عن يساره وليتعوذ من شر ما رأى ولا ينبغي أن يفسر الرؤيا من لا علم له بها ولا يعبرها علىالخير وهي عنده على المكروه).
إنما كرر الحديث في الرؤيا ليركب عليه المسألتين وفي البخاري بعد ذكر الحديث متصلا به وما من النبوة لا يكذب عبد الوهاب في تعبير من لا علم له بها لأنه