وفي هذا الباب أكثر من أن يحصى وأوسع من أن يحاط به.
ومرجع ذلك إلى أن العلوم ثلاثة علم كالغذاء لا يستغنى عنه بحال وهو فرض العين قال الغزالي وهو ما لا يؤمن الهلاك مع جهله وعلم كالدواء يستغنى عنه في حال دون حال وهو ما وراء ذلكم ن فروض الكفاية وما ندب إلى تعلمه وتلعيمه كالتوسع في الأحكام ونحوه وعلم كالداء وهوما يؤدي إلى ضرر في الدنيا والدين وتختلف أحوال الناس فيه وتفترق أحوالهم عليه وعن جماعة منه علم الجدل والكلام والمنطق والتحقيق أن في ذلك تفصيلا يطول ذكره فانظر وبالله التوفيق.
(والعلم أفضل الأعمال وأقرب العلماء إلى الله أكثرهم له خشية وفيما عنده رغبة).
لما كان الشيء يشرف بشرف متعلقه كان متعلق العلم أشرف المتعلقات وهو العلم بالله والعلم بما به أمر اله كان العلم أفضل الأعمال وقد جاء في فضل العلم ما لا مزيد عليه وفي البخاري:" من سلك طريقا يطلب به علما سهل الله له طريقا إلى الجنة " وفي الحديث: " العلماء ورثة الأنبياء وأمناء الرسل ما لم يميلوا إلى الدنيا ويداخلوا السلاطين فإذا مالوا إلى الدنيا وداخلوا السلاطين فاخشوهم في دينكم" وكون أقرب العلماء إلى الله أكثرهم خشية هو الذي شهدت به شواهد السنة قال الله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
وقال ابن عطاء الله في الحكم خير العلم ما كانت الخشية معه العلم إن قارنته الخشية فلك وإلا فعليك.
قال في لطائف المنن فشاهد العلم الذي هو مطلوب لله تعالى الخشية لله وشاهد الخشية موافقة الأمر أما علم تكون معه الرغبة في الدنيا والتملق لأربابها والجمع والادخار والمباهاة والاستكثار وإيثار الدنيا ونسيان الآخرة فما أبعد من هذا علمه أن يكون من ورثة الأنبياء.
وهل ينتقل الشيء الموروث إلى الوارث إلا بالصفة التي كان عليها عند الموروث عنه قال ومثل من هذه الأوصاف أوصافه من العلماء كمثل الشمعة تضيء على غيرها وتحرق نفسها جعل الله الذي علمه من هذا وصفه حجة عليه وسببا في تكثير العقوبات.