للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ورأى امرأة حملها السيل فقال: زاد بها على كدره كدرا. ورأى جارية حسناء فقال: خير قليل وشر كثير. ورأى امرأة تتعلم الكتابة فقال: سهم يستم ليرمى به يوماً ما. ورأى عجوزاً متزينة فقال لها: إن كنت تهيأت للأحياء فأنت مخادعة، وإن كنت تهيأت للموتى فبادري.

وكان الحارث بن تولب العكلي سيداً، فأغار على بني أسد فسبى منهم امرأة يقال لها حمرة بنت نوفل، فوهبها لأخيه النمر بن تولب فتركته فحسبها حتى استقرت وولدت له أولادا ثم قالت أزرني أهلي. فقال لها: إني أخاف إن صرت إلى قومك أن تغلبيني على نفسي فواثقته لترجعن إليه، فخرج بها في شهر حرام حتى أقدمها بلاد بني أسد، فلما أطل على الحي، تركته واقفا وانصرفت إلى منزل بعلها الأول، فمكث طويلا، فلم ترجع إليه، فعرف ما صنعت، فانصرف وقال:

جزى الله عنا حمرة بنت نوفل ... جزاء معل بالأمانة كاذب

بما سألت عني الوشاة ليكذبوا ... علي وقد أبليتها في النوائب

تداركها مني بدو كأنها ... لدى النجم نيطت عنده بالذوائب

فقصدت كأن الشمس تحت قناعها ... بدا حاجب منها وصدت بحاجب

يعني أنها أعرضت. عنه: وقال فيها أيضاً:

وكل خليل عليه الرغاب ... والجبلات كذوب ملق

وقامت إلي فأحلفتها ... بهدي قلائده تختفق

بان لا أخونك فيما وليت ... فإن الخيانة شر خلق

ولكنني امرأة إِن نأيت ... فرفدي البكا وعطائي الشرق

<<  <   >  >>