كتب إلى خالد عند تغيره عليه بكتاب فزعه فيه بما كان من حربه على ابن شيبة، ومن الانتقام منه، ويتوعده أنه سيكون له منه أشد من ذاك، ففعل به ما قال، وعزله وأهانه. وكان خالد بن عبد الله أيام أمرته بالعراق أمر على الشرطة مالك بن المنذر بن الجارود، وكان عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر يدعى على مالك فرية فأبطلها خالد، وحفر النهر الذي سماه المبارك فانتفض عليه، فقال الفرزدق في ذلك:
أهلكت مال الله في غير حقه ... على نهرك المشئوم غير المبارك
وتضرب أقوماً براءً ظهورهم ... وتترك عهد الله في ظهر مالك
أإنفاق مال الله في غير حقه ... ومنعاً لحق المرملات الضرائك
فكتب خالد إلى مالك بن المنذر: احسب الفرزدق فانه هجا أمير المؤمنين، فأرسل خالد إلى أيوب بن عيسى الضبي فقال: ائتني بالفرزدق، فلم يزل يعمل فيه حتى أخذه فطلب إليهم الفرزدق أن يمروا به على بني حنيفة. فلما قيل لمالك: هذا الفرزدق انتفخ سجره وربا. فلما
أدخل عليه قال:
أقول لنفسي حين غضت بريقها ... ألا ليت شعري ما لها عند مالك
لها عنده أن يرجع الله روحها ... إليها وتنجو من عظام المهالك