فقال له عبد الملك: إلى اين يا ابن النصرانية؟. قال: إلى النار: قال: أما والله لو غيرها قلت لفرقت بين رأسك وجثمانك.
قال الجاحظ: ركب المأمور في بعض الليالي متظرفا، فإذا هو بثمامة يتمايل على سرجه سكرا، فحرك المأمور دابته حتى لحق ثمامة، فضرب عجز بغلته بسوطه وقال له: ثمامة؟! قال: إي والله!. قال: سكران؟! قال: لا والله قال: أعرفتني؟. قال: أي والله. قال: فمن أنا؟. قال: لا أدري والله. فقال له المأمون: لعنة الله عليك. فقال: تترى يا أمير المؤمنين!
قال أبو عبيدة: ما رأيت رجلا مدخول النسب أجرأ على أحساب العرب من يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري. كان قد صحب عباد بن زياد، فلم يحمد صحبته فهجاه وطعن في نسبة فأهانه عبيد الله وضربه، وأركبه على بعير، وطاف به، وجعل بين يديه صورة خنزير، وخلفه صورة قرد، وسقاه النبيذ الذفل، وكان يحث كلما مشى به، ونفاه إلى القندهار من بلد الهند، وكتب إلى من بالشام من اليمن:
أصبحت لا من بني قيس فتضربني ... بكر العراق ولم تغضب لنا مضر
ولم تكلم قريش في حليفهم ... إذ غاب ناصره بالشام واحتضروا
لو أنني شهدتني حمير غضبت ... وكان حقاً لها في أمرنا غير
بقندهار ومن تكتب منيته ... بقندهار يرجم دونه الخبر
فلما قرأ أهله اليمانية هذه الأبيات رحل مائة رجل من حمير من حمص إلى دمشق فلقوا معاوية داخلا إلى المسجد، فشكوا إليه ما نيل من صاحبهم، ثم قالوا عليهم الطلاق لئن لم يرد إلينا يا أمير المؤمنين لنقتلن به خير رجل من عبد شمس. فكتب إلى ابن زياد فيه فأرسله إليهم.
قال الجاحظ: كانت بنو مالك تجاور الغوث من طيء، فأنشدني عمارة لنفسه: