كم ليلة ليلاء ملبسة الدجى ... أفق السماء سريت غير مهيب
ربط السحاب بها فضول ردائه ... فمتى يقل برق له اسكب يسكب
فصبرت حتى شق ثوب ظلامه ... عن لون ثوب مثل لون الأشهب
وأنشد الأصمعي لرجل من بني فقعس:
صب الإله على عبيد حية ... لا تنفع النفثات منها والرقى
جبلية تسرى إذا ما جنها ... ليل، وتكمن بالنهار فلا ترى
مهروته الشدقين ينطف نابها ... سما ونفحتها تهاب وتتقى
قصرت لها عنق وسائر خلقها ... عين تبص كمثل مصباح الدجى
وكأنما سلمت بأعلا جلدها ... برداً من الأفواف أنهجه البلى
رقشاء ترتصد الطريق إذا دنا ... منها المساء كأنها سنا رشا
قرناء أنشأها الإله فأدركت ... عاداً فليس لنهشة منها شفا
أوحية ذا طعنتين أحله ... آباؤه في شامخ صعب الذرى
فنشا بغار مظلم أرجاؤه ... لا الريح تصرده ولا برد الندى
في عينه قتل وفي خيشومه ... فطس وأنياب له مثل المدى
يلقا بريراً جامشاً متخلفا ... عن رفقة قدمته طول السرى
فتخوضه في عقبه بمذرب ... ماض إذا نحا على عظم فرا
وأنشد علي بن سليمان الأخفش لأبي علي البصير:
يا جامعاً مانعاً والدهر يرمقه ... مفكراً أي باب فيه يغلقه
حميت مالاً، ففكر هل جمعت له ... يا جامع المال أياماً تفرقه