قال الزبير بن بكار: مر سعيد بن العاص بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان عمر
قتل يوم بدر العاص بن هشام بن المغيرة، وهو خال عمر، فسلم سعيد مقصراً يظن أنه قتل أباه، ففطن له عمر، فقال يا ابن أخي، والله ما قتلت أباك ولكني قتلت خالي العاص بن هشام. ورأيت أباك يبحث التراب كأنه ثور، فصددت عنه، وحمل عليه علي فقتله، وما بي أن أكون، أعتذر من قتل مشرك. فقال سعيد: لو قتلته كنت على الحق، وكان على الباطل. فعجب عمر من قوله ولوى كيفه ثم قال: قريش أفضل الناس أحلاماً، وأعظم الناس أمانة ومن يرد بقريش سوءاً يكبه الله لفيه.
وقال حباب بن المنذر بعد رجوع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بدر: ما قتلنا إلا عجائز صلعاً. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) يا ابن أخي، أولئك الملأ من قريش لو أمروك لأطعتهم، ولو شهدتهم لحقرت أفعالهم.
ومر صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعثمان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي، وكان علي بني مالك، وهو مقتول فقال: أبعده الله إنه كان يبغض قريشا.
وبعث صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد إلى مكة قاضيا، وهو ابن ثماني عشرة سنة، وألبسه قباء أسود، وختمه بخاتم ذهب. ولم يلبس أحد قباء أسود ولا تختم بالذهب أحد من المسلمين قبله. وقال له: هل تدري إلى من أبعثك؟ أبعثك إلى أهل الله ثم وصاه صلى الله عليه وسلم بهم.
وممن ساد صغيراً محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم الثقفي. ولاه الحجاج قتل الأكراد بفارس، فأبادهم، ثم ولاه السند والهند، وقاد الجيوش وهو ابن سبع عشرة سنة، فقال فيه الشاعر:
إن السماحة والمروءة والندى ... لمحمد بن القاسم بن محمد
قاد الجيوش لسبع عشرة حجة ... يا قرب سورة سؤدد من مولد